يُعد مهرجان "دوشيرا" (Dussehra) أحد أكثر الاحتفالات الهندوسية حيوية وبهجة، حيث يجسد انتصار الخير على الشر بشكلٍ مهيب. يحتفي هذا المهرجان، الذي يُعرف أيضاً بأسماء عدة مثل "فيجاياداشامي" (Vijayadashami) أي "الانتصار في اليوم العاشر"، أو "داشاين" (Dashain) في نيبال، أو "داسارا" (Dasara) في بعض مناطق الهند الجنوبية، بالانتصار الملحمي للورد "راما" على الملك الشيطاني ذي الرؤوس العشرة "رافانا".
يقع جوهر احتفال دوشيرا في القصة الأبدية المستوحاة من ملحمة "الرامايانا" المقدسة، حيث تمكّن اللورد "راما"، الذي يُعتبر تجسيداً للإله فيشنو، من هزيمة الملك "رافانا" في مثل هذا اليوم بالذات. كانت هذه المعركة تتويجاً لصراع طويل ضد جبروت "رافانا" وطغيانه، وتحديداً بعد اختطافه لزوجة "راما" المحبوبة "سيتا". لذا، يرمز دوشيرا إلى سقوط الغرور والقوة الغاشمة أمام الصلاح والإيمان.
احتفالات دوشيرا: مزيج من التقاليد والفرح
يُمثل دوشيرا تتويجاً لاحتفالات "نافاراتري" (Navratri) الممتدة لتسعة أيام وليالٍ، والتي تُكرس لعبادة الإلهة الأم "دورجا" بأشكالها المختلفة. ففي اليوم العاشر، أو "فيجاياداشامي"، لا يقتصر الاحتفال على انتصار "راما" فحسب، بل يشمل أيضاً ذكرى انتصار الإلهة "دورجا" الساحق على شيطان الجاموس "ماهيشاسورا" في بعض التقاليد، مما يضفي بعداً إضافياً لرمزية اليوم كقمة للخير ضد الشر في الكون.
تتجلى بهجة دوشيرا في المنازل والشوارع، حيث يزين الناس مداخل بيوتهم ومحلاتهم التجارية بأوتار زاهية من الأزهار وأوراق المانجو تُعرف باسم "تورانس" (Torans). هذه البوابات الزهرية لا تُضفي جمالاً بصرياً فحسب، بل تُعتبر أيضاً رموزاً لجلب الحظ السعيد والرخاء وطرد الطاقات السلبية، فتمتزج الألوان الزاهية وعطر الأزهار المنعش ليخلقا أجواءً احتفالية تبعث على الأمل والتفاؤل.
حرق دمى الشر: طقس "رافان داهان" المهيب
الذروة الدرامية لاحتفالات دوشيرا تتمثل في طقس "رافان داهان" (Ravan Dahan) الشهير، الذي يُمارس بشكل خاص في شمال الهند. في مساء هذا اليوم، يتم تجميع حشود غفيرة من الناس في الساحات المفتوحة لمشاهدة مشهد مهيب: إحراق دمى عملاقة ومُتقنة الصنع لكل من "رافانا"، وشقيقه "كومباكارنا"، وابنه "ميغاناد" (إندراجيت). تُصنع هذه الدمى، التي قد يصل ارتفاعها إلى عشرات الأمتار، وتُحشى بالألعاب النارية والمفرقعات لتُقدم عرضاً نارياً مذهلاً.
مع حلول الغسق، ومع صيحات الفرح والحماس من الجماهير، تُشعل النيران في هذه الدمى. ترتفع ألسنة اللهب وتتطاير الشرارات مصحوبة بدوي الألعاب النارية، في مشهد رمزي وقوي لتدمير الشر والقضاء على كل ما هو سلبي في الحياة. يُعتقد أن هذا الطقس لا يمثل انتصار الخير فحسب، بل يطهر الأرواح ويجدد العزيمة على التمسك بالقيم النبيلة.
بعيداً عن الأساطير والطقوس، يُعد دوشيرا أيضاً مناسبة للاحتفال بالبدايات الجديدة. في العديد من المناطق، يعتبر هذا اليوم مواتياً لبدء مشاريع جديدة، أو شراء أدوات جديدة، أو حتى ممارسة "أيودها بوجا" (Ayudha Puja)؛ وهي طقس يتم فيه عبادة الأدوات والآلات المختلفة كوسيلة لتكريم المهارة والاجتهاد. إنه يوم للتأمل في قوة الحق، وتأكيد الإيمان بأن العدل سينتصر دائماً، مهما طال أمد الظلم.
أسئلة شائعة حول مهرجان دوشيرا
- ما هو مهرجان دوشيرا؟
- دوشيرا هو مهرجان هندوسي بارز يحتفل بانتصار الخير على الشر، ويُعرف أيضاً بأسماء مثل "فيجاياداشامي" أو "داشاين" أو "داسارا". يُقام في اليوم العاشر من شهر "أشوين" حسب التقويم الهندوسي.
- لماذا يُحتفل بدوشيرا؟
- يُحتفل به بشكل أساسي لتخليد ذكرى انتصار اللورد "راما" على الملك الشيطاني "رافانا" بعد معركة ضارية، ويرمز هذا الانتصار إلى انتصار العدل على الظلم والصلاح على الشر.
- ما العلاقة بين دوشيرا ونافاراتري؟
- مهرجان دوشيرا يُمثل تتويجاً لاحتفالات "نافاراتري" التي تستمر لتسعة أيام. فاليوم العاشر، الذي يُعرف بـ "فيجاياداشامي"، هو اليوم الذي يتبع الليالي التسع المخصصة لعبادة الإلهة "دورجا"، ويجمع بين رمزي انتصار "راما" وانتصار "دورجا".
- ماذا تعني "تورانس" في مهرجان دوشيرا؟
- "تورانس" هي أوتار أو بوابات زهرية مزخرفة تُصنع غالباً من أزهار القطيفة (الماريجولد) وأوراق المانجو. تُستخدم لتزيين مداخل المنازل والمحلات خلال دوشيرا، وتُعد رمزاً لجلب السعادة، الرخاء، وطرد الطاقات السلبية.
- ماذا يمثل حرق دمى "رافانا"؟
- يمثل حرق دمى "رافانا" وشقيقيه "كومباكارنا" و"ميغاناد" الطقس الأبرز في دوشيرا، ويُعرف بـ "رافان داهان". يرمز هذا الفعل الدرامي إلى تدمير الشر، الغرور، الكبرياء، وكل الصفات السلبية، مما يجدد الإيمان بانتصار الخير والقضاء على الظلام.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 
