ويلما مانكيلر ، زعيم قبلي أمريكي (مواليد 1945)

تُعد ويلما بيرل مانكيلر (18 نوفمبر 1945 – 6 أبريل 2010)، واسمها بلغة الشيروكي الأصيلة أتشيلاسجي أسجاياديهي (والذي يعني "الفتاة الطبيبة" أو "المرأة المقدسة")، شخصية محورية ونموذجًا يُحتذى به في تاريخ الشعوب الأصلية الأمريكية. لم تكن مجرد ناشطة اجتماعية وأخصائية اجتماعية ومطورة مجتمعية، بل كانت أول امرأة تُنتخب لتشغل منصب الرئيس الرئيسي لأمة الشيروكي، وهي إحدى أكبر قبائل السكان الأصليين في الولايات المتحدة. يمثل وصولها إلى هذا المنصب الرفيع إنجازًا تاريخيًا فارقًا، ليس فقط لأمة الشيروكي بل للمرأة في القيادة القبلية بشكل عام، مُرسِّخةً مكانتها كرمز للتمكين والمرونة.

ولدت مانكيلر في تاهليكوا، أوكلاهوما، وعاشت سنوات طفولتها الأولى في مقاطعة أدير، أوكلاهوما، على تخصيص عائلتها الذي كان جزءًا من الأراضي التي مُنحت للأمريكيين الأصليين، حتى بلغت الحادية عشرة من عمرها. في تلك الفترة، شهدت حياتها تحولًا جذريًا عندما انتقلت عائلتها إلى سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، كجزء من "برنامج إعادة توطين الهنود" الحكومي الفيدرالي في الخمسينيات والستينيات. كان هذا البرنامج يهدف إلى دمج السكان الأصليين في المدن الكبرى بعيدًا عن أراضيهم القبلية، وغالبًا ما نتج عنه تحديات ثقافية واجتماعية عميقة. بعد إنهاء دراستها الثانوية، تزوجت من رجل إكوادوري ثري وأنجبت ابنتين.

شهدت الستينيات نهضة الحركات الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة، ومنها حركة الحقوق المدنية وحركة "القوة الحمراء" للسكان الأصليين. استلهمت مانكيلر من هذه الأجواء النضالية، وانخرطت بفاعلية في العديد من القضايا. كان من أبرز مشاركاتها احتلال جزيرة ألكتراز الرمزي في عام 1969، وهو عمل احتجاجي كبير قاده نشطاء السكان الأصليين للمطالبة بإعادة الأراضي الفيدرالية غير المستخدمة إلى القبائل. كما شاركت لاحقًا في صراعات حول الأرض والتعويضات مع قبيلة بيت ريفر، مما عمّق فهمها للتحديات التي تواجه مجتمعات السكان الأصليين. على مدار خمس سنوات في أوائل السبعينيات، عملت كأخصائية اجتماعية، وركزت بشكل أساسي على قضايا الأطفال والأسر، مما منحها خبرة عملية قيمة في معالجة المشكلات الاجتماعية داخل المجتمعات.

العودة إلى الوطن والريادة المجتمعية

في خريف عام 1976، عادت ويلما مانكيلر إلى أوكلاهوما، مُتلهفةً لخدمة مجتمعها الأم. عُينت من قبل أمة الشيروكي كمنسقة للتحفيز الاقتصادي، وهو دور يتطلب رؤية ومهارات إدارية. بفضل خبرتها في إعداد الوثائق والكتابة، برعت في كتابة المنح، ونجحت في جلب التمويل لمشاريع حيوية. بحلول أوائل الثمانينيات، كانت تدير قسم تنمية المجتمع الذي أنشئ حديثًا في أمة الشيروكي، مُظهرةً قدرة استثنائية على القيادة والتنظيم. كان هذا القسم بمثابة حجر الزاوية في فلسفتها لتنمية المجتمعات.

بصفتها مديرة، صممت مانكيلر وأشرفت على مشاريع مجتمعية مبتكرة قائمة على مبدأ الاعتماد على الذات والمشاركة المجتمعية. سمحت هذه المشاريع للمواطنين الريفيين بتحديد تحدياتهم الخاصة والمشاركة، من خلال عملهم وجهدهم، في إيجاد الحلول. كان أحد أبرز هذه المشاريع هو مشروع توفير المياه النظيفة في بيل، أوكلاهوما، الذي اعتمد على العمل التطوعي لسكان القرية لبناء نظام مياه خاص بهم، وحوّل هذا المشروع قصة كفاحهم ونجاحهم إلى فيلم مؤثر بعنوان "كلمة الشيروكي عن الماء"، من إخراج تشارلي سواب وتيم كيلي. في عام 2015، اختير الفيلم كأفضل فيلم هندي أمريكي على مدار الأربعين عامًا الماضية من قبل المعهد الأمريكي الهندي للأفلام، مما يدل على الأثر العميق لعملها. كما حظي مشروعها في كينوود بتقدير وطني، حيث حصل على شهادة استحقاق من وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، مؤكدًا على نجاح نهجها في تمكين المجتمعات المحلية.

مسيرتها السياسية كأول رئيس رئيسي لأمة الشيروكي

لم تمر قدرات مانكيلر الإدارية ورؤيتها الثاقبة مرور الكرام. فقد لفتت انتباه الرئيس الرئيسي آنذاك، روس سويمر، الذي دعاها للترشح لمنصب نائبه في الانتخابات القبلية لعام 1983. كان هذا ترشيحًا تاريخيًا، حيث لم تتقلد امرأة من قبل هذا المنصب في أمة الشيروكي. عندما فاز الثنائي بالانتخابات، أصبحت مانكيلر أول امرأة تُنتخب لشغل منصب نائب الرئيس الرئيسي لأمة الشيروكي، مُفتتحةً بذلك فصلًا جديدًا في تاريخ القيادة القبلية.

في عام 1985، عندما تولى روس سويمر منصبًا في الإدارة الفيدرالية لمكتب الشؤون الهندية، وهو وكالة حكومية أمريكية لها تاريخ طويل ومعقد في الإشراف على الشؤون القبلية، تمت ترقية ويلما مانكيلر تلقائيًا إلى منصب الرئيس الرئيسي. استمرت في هذا المنصب المرموق حتى عام 1995، مُقدمةً عقدًا من القيادة الحكيمة والتحويلية. خلال فترة إدارتها، شهدت حكومة الشيروكي طفرة في الخدمات والتنمية:

حياتها بعد السياسة وإرثها الدائم

بعد تقاعدها من السياسة في عام 1995، عادت ويلما مانكيلر إلى دورها كناشطة ومدافعة شرسة. لم تتوقف عن العمل لتحسين صورة الأمريكيين الأصليين ومكافحة التشويه الثقافي أو اختلاس التراث الأصيل. كرست وقتها لتأليف الكتب، بما في ذلك سيرتها الذاتية الأكثر مبيعًا، "مانكيلر: رئيس وشعبها"، والتي قدمت من خلالها نظرة عميقة على حياتها ونضالاتها ونجاحاتها. ألقت العديد من المحاضرات حول قضايا حيوية مثل الرعاية الصحية، والسيادة القبلية، وحقوق المرأة، والتوعية بالسرطان، مُستغلةً منبرها لنشر الوعي وإلهام الآخرين.

كانت حياة مانكيلر مليئة بالتحديات الصحية الجسيمة. فقد عانت طوال حياتها من أمراض خطيرة مثل مرض الكلى المتعدد الكيسات، والوهن العضلي الوبيل، والليمفوما، وسرطان الثدي، واضطرت لإجراء عمليتي زرع كلى. على الرغم من كل هذه الصعوبات، ظلت قوية ومُلهمة حتى وفاتها في عام 2010 بسرطان البنكرياس. تركت وراءها إرثًا غنيًا من الإنجازات، وقد تم تكريمها بالعديد من الجوائز المحلية والولائية والوطنية، بما في ذلك أعلى وسام مدني في البلاد، وهو وسام الحرية الرئاسي، الذي مُنح لها تقديرًا لخدماتها الاستثنائية للأمة.

استمرارًا لتكريم إرثها الخالد، أُعلن في عام 2021 أن صورة ويلما مانكيلر ستظهر على عملة ربع دولار كجزء من برنامج "عملات الربع الأمريكية للمرأة" التابع لسك العملة بالولايات المتحدة. هذا التكريم يضمن تذكر إنجازاتها الرائدة وقيمها المُلهمة للأجيال القادمة، مُرسخًا مكانتها كواحدة من أعظم القادة الأمريكيين الأصليين.

الأسئلة المتكررة (FAQs)

من هي ويلما مانكيلر؟
ويلما مانكيلر كانت ناشطة أمريكية أصيلة (من أمة الشيروكي)، وأخصائية اجتماعية، ومطوّرة مجتمعية، وأول امرأة تُنتخب لتشغل منصب الرئيس الرئيسي لأمة الشيروكي، وهي شخصية رائدة في تمكين المرأة والسكان الأصليين.
ماذا يعني لقب "الرئيس الرئيسي" في أمة الشيروكي؟
الرئيس الرئيسي هو أعلى منصب قيادي منتخب داخل أمة الشيروكي، ويماثل منصب حاكم الولاية أو رئيس الجمهورية في الهياكل الحكومية الأخرى، وهو المسؤول التنفيذي الأول للقبيلة.
ما هو "برنامج إعادة توطين الهنود" الذي أثر على طفولتها؟
كان "برنامج إعادة توطين الهنود" (Indian Relocation Program) مبادرة حكومية فيدرالية أمريكية في منتصف القرن العشرين شجعت السكان الأصليين على الانتقال من المحميات إلى المدن الكبرى بهدف دمجهم في المجتمع الأمريكي الأوسع، وغالبًا ما كان له آثار سلبية على هويتهم الثقافية ومجتمعاتهم.
ما هي أبرز إنجازاتها خلال فترة رئاستها لأمة الشيروكي؟
خلال إدارتها، قامت ويلما مانكيلر ببناء عيادات صحية جديدة، وإنشاء خدمات إسعاف، وتأسيس برامج تعليمية (تعليم مبكر وكبار)، وتطوير مصادر دخل اقتصادية للقبيلة، وتعزيز الحكم الذاتي، مما أدى إلى تحسينات شاملة في جودة حياة أفراد أمة الشيروكي.
لماذا تُعتبر ويلما مانكيلر شخصية مهمة للمرأة والشعوب الأصلية؟
تُعتبر مانكيلر رمزًا للتمكين لأنها كسرت الحواجز الزجاجية لتصبح أول امرأة تقود أمة الشيروكي، وقد ألهمت بنهجها القائم على التنمية المجتمعية وخدمة الذات العديد من النساء والسكان الأصليين للمطالبة بحقوقهم وتقرير مصيرهم.
ما هي الجوائز والتكريمات الكبرى التي حصلت عليها؟
نالت العديد من الجوائز، أبرزها وسام الحرية الرئاسي، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة، تقديرًا لخدماتها وإنجازاتها. كما كُرِّمت بعد وفاتها بوضع صورتها على عملة ربع دولار أمريكي كجزء من برنامج "عملات الربع الأمريكية للمرأة".
ما هو نهجها في تنمية المجتمع؟
كان نهجها يقوم على تمكين المجتمعات الريفية من خلال مشاريع الاعتماد على الذات، حيث يتم تشجيع المواطنين على تحديد مشكلاتهم بأنفسهم والمشاركة بجهدهم وعملهم في إيجاد الحلول، مثل مشروع مياه الشرب في بيل، أوكلاهوما.