الحرب الأهلية الصينية: بدأ جيش التحرير الشعبي حصاره لمدينة تشنغدو ، آخر مدينة يسيطر عليها الكومينتانغ في البر الرئيسي للصين ، مما أجبر رئيس جمهورية الصين شيانغ كاي شيك وحكومته على الانسحاب إلى تايوان.
كانت الحرب الأهلية الصينية صراعًا محوريًا وعميقًا غيّر وجه الصين بشكل جذري في القرن العشرين، وهو بمثابة قصة معقدة من التنافس الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي. اندلعت هذه الحرب بين القوات القومية الممثلة بحكومة جمهورية الصين، والتي كان يقودها حزب الكومينتانغ (KMT) بزعامة تشيانغ كاي شيك، والقوات الشيوعية التابعة للحزب الشيوعي الصيني (CCP) بقيادة ماو تسي تونغ. بدأت فصولها المتقطعة بعد عام 1927، لتتحول إلى ملحمة دموية قسمت الأمة وأعادت تشكيل خريطتها السياسية.
مراحل الصراع الأولى: من الانهيار إلى الهيمنة القومية (أغسطس 1927 – 1937)
يمكن تقسيم الحرب الأهلية الصينية بشكل عام إلى مرحلتين رئيسيتين يفصل بينهما توقف مؤقت. بدأت المرحلة الأولى في أغسطس من عام 1927، بعد انهيار "الجبهة المتحدة الأولى" التي جمعت الكومينتانغ والحزب الشيوعي الصيني في تحالف هشّ خلال الحملة الشمالية. كانت هذه الحملة تهدف إلى توحيد الصين تحت حكومة مركزية وإنهاء فترة أمراء الحرب، لكن التوترات الأيديولوجية العميقة بين القوميين الملتزمين بالرأسمالية والجمهورية، والشيوعيين الساعين إلى ثورة بروليتارية، أدت إلى انفجار العداوات. فبعد تطهير شانغهاي الذي استهدف الشيوعيين، اشتعلت المواجهة المفتوحة. خلال هذه الفترة، سيطر القوميون على معظم أراضي الصين الحضرية والساحلية، وأقاموا عاصمة لهم في نانجينغ، بينما تراجع الشيوعيون إلى المناطق الريفية النائية، وخاضوا حرب عصابات، وشهدوا أحداثًا مصيرية مثل "المسيرة الطويلة" الأسطورية التي رسخت قيادة ماو تسي تونغ.
التوقف المؤقت: جبهة موحدة ضد الغزو الياباني (1937 – 1945)
في عام 1937، شهدت الصين منعطفًا تاريخيًا أجبر الأعداء اللدودين على تعليق أعمالهم العدائية. فمع الغزو الياباني الشرس الذي بدأ مع حادثة جسر ماركو بولو وتصاعد ليصبح حربًا شاملة، اضطر الكومينتانغ والحزب الشيوعي الصيني إلى تشكيل "الجبهة المتحدة الثانية". كان هذا التحالف الضروري يهدف إلى الدفاع عن الوطن ضد العدو المشترك الذي هدد وجود الأمة الصينية ذاتها. خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، التي أصبحت جزءًا منها حرب المقاومة الصينية ضد اليابان، تلقت الجبهة المتحدة دعمًا من الحلفاء الدوليين. سمح هذا التوقف المؤقت للشيوعيين بفرصة لإعادة تنظيم صفوفهم وتوسيع نفوذهم في المناطق الريفية من خلال حرب العصابات الشعبية، بينما تحمل القوميون العبء الأكبر من المعارك التقليدية ضد القوات اليابانية.
المرحلة الأخيرة: الثورة الشيوعية وقيام جمهورية الصين الشعبية (1945 – 1949)
بمجرد هزيمة اليابان واستسلامها في عام 1945، استُؤنفت الحرب الأهلية الصينية بشكل فوري ووحشي، دون أي تردد. كانت هذه المرحلة، التي يُشار إليها غالبًا بـ "الثورة الشيوعية الصينية"، هي الأكثر حسماً. اكتسب الحزب الشيوعي الصيني اليد العليا بشكل مطرد، مستفيدًا من تكتيكاته العسكرية الفعالة، ودعمه الشعبي المتزايد في الريف بفضل وعوده بالإصلاح الزراعي، وانضباط قواته. في المقابل، عانى الكومينتانغ من مشكلات داخلية جسيمة مثل الفساد المستشري، والتضخم الجامح الذي دمر الاقتصاد، وفقدان الدعم الشعبي، وضعف المعنويات بين جنوده. بحلول عام 1949، كانت المدن الكبرى تسقط الواحدة تلو الأخرى في أيدي الشيوعيين، الذين سيطروا على البر الرئيسي للصين بالكامل. في الأول من أكتوبر عام 1949، أعلن ماو تسي تونغ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في بكين، مجبرًا قيادة جمهورية الصين بقيادة تشيانغ كاي شيك على التراجع إلى جزيرة تايوان، آخذين معهم جزءًا من الاحتياطيات الذهبية والمحفوظات الثقافية.
مواجهة عبر المضيق: إرث الحرب ومستقبل غير محسوم (منذ الخمسينيات)
ابتداءً من الخمسينيات من القرن الماضي، دخلت العلاقة بين جانبي مضيق تايوان في مواجهة سياسية وعسكرية دائمة. ادعت كل من جمهورية الصين في تايوان وجمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي رسميًا أنها الحكومة الشرعية الوحيدة لكل الصين، وهو ما يعرف بـ "مبدأ الصين الواحدة". على الرغم من أن هذا الادعاء قد تطور وتغير في صياغته ودلالاته بمرور الوقت، إلا أنه يظل جوهر الخلاف. بعد أزمة مضيق تايوان الثانية في عام 1958، توقفت الأعمال العدائية واسعة النطاق ضمنيًا بين الطرفين، واستمرت القذائف المتبادلة بشكل متقطع حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي. في عام 1979، ومع تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، توقف القصف تمامًا، لكن لم يتم التوقيع على أي هدنة رسمية أو معاهدة سلام على الإطلاق. وهذا يعني أن الحرب الأهلية الصينية، من الناحية الفنية والقانونية، لم تنتهِ بعد، مما يترك وراءه إرثًا معقدًا وتوترات جيوسياسية مستمرة في المنطقة.
الأسئلة الشائعة حول الحرب الأهلية الصينية
- ما هي الأسباب الرئيسية للحرب الأهلية الصينية؟
- كانت الأسباب الرئيسية تتمثل في صراع أيديولوجي عميق بين حزب الكومينتانغ القومي الذي يمثل حكومة جمهورية الصين، والحزب الشيوعي الصيني، إلى جانب التنافس على السلطة والسيطرة على البلاد بعد انهيار الإمبراطورية الصينية.
- من هم أبرز قادة الأطراف المتحاربة؟
- كان تشيانغ كاي شيك القائد الأبرز لحزب الكومينتانغ والقوات القومية، بينما قاد ماو تسي تونغ الحزب الشيوعي الصيني وقواته.
- لماذا توقفت الحرب بين عامي 1937 و1945؟
- توقفت الحرب الأهلية بسبب الغزو الياباني الشامل للصين، مما أجبر الأطراف المتناحرة على تشكيل "الجبهة المتحدة الثانية" لمواجهة العدو الخارجي المشترك.
- ما هي النتيجة النهائية للحرب الأهلية الصينية؟
- انتهت الحرب بسيطرة الحزب الشيوعي الصيني على البر الرئيسي وتأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، بينما تراجعت حكومة جمهورية الصين (الكومينتانغ) إلى جزيرة تايوان.
- هل تم توقيع معاهدة سلام بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية الصين؟
- لا، لم يتم توقيع أي معاهدة سلام أو هدنة رسمية بين الجانبين، على الرغم من توقف الأعمال العدائية الفعلية ضمنيًا منذ عام 1979.
- ما هو الوضع الحالي للعلاقات عبر مضيق تايوان؟
- تتسم العلاقات عبر مضيق تايوان بالتعقيد والحساسية السياسية. تدعي كل من بكين وتايبيه أنها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، مما يخلق وضعًا دوليًا فريدًا وغير محسوم حتى الآن.