توماس وارتون ، شاعر ومؤرخ وناقد إنجليزي (تُوفي ١٧٩٠)
كان توماس وارتون، المولود في التاسع من يناير عام 1728 والذي وافته المنية في الحادي والعشرين من مايو عام 1790، شخصية بارزة ومتعددة المواهب في المشهد الأدبي الإنجليزي في القرن الثامن عشر. اشتهر بصفته مؤرخًا وناقدًا أدبيًا وشاعرًا، وقد أسهم إسهامات قيمة في كل من هذه المجالات، مما جعله واحدًا من أهم المثقفين في عصره. غالبًا ما يُشار إليه بـ توماس وارتون الأصغر لتمييزه عن والده، الذي كان أيضًا يُدعى توماس وارتون الأكبر، وقد ترك كل منهما بصمة واضحة في الحياة الثقافية الإنجليزية.
المساهمات الأدبية والنقدية
لم يكن توماس وارتون مجرد شاعر موهوب فحسب، بل كان أيضًا باحثًا أدبيًا غزير الإنتاج أثرى الحقل النقدي والتاريخي. تجلى إسهامه الأبرز في هذا المجال في عمله الضخم "تاريخ الشعر الإنجليزي" (The History of English Poetry)، وهو مشروع طموح وغير مكتمل يسعى لتتبع تطور الشعر الإنجليزي من أقدم أشكاله حتى القرن الثامن عشر. هذا العمل كان رائدًا في منهجه النقدي والتاريخي، حيث مهد الطريق للدراسات الأدبية الأكاديمية اللاحقة. بصفته ناقدًا، كان وارتون يتمتع بعين ثاقبة للفروق الدقيقة في الأدب، وقدم تحليلات متعمقة لأعمال معاصريه وأسلافه على حد سواء، مما ساعد في تشكيل الذوق الأدبي لعصره وتشجيع تقدير أعمق للتراث الأدبي.
الشاعر الحائز على الجائزة: تتويج لمسيرة أدبية
في عام 1785، نال توماس وارتون واحدًا من أرفع الأوسمة الأدبية في إنجلترا، حيث تم تعيينه الشاعر الحائز على الجائزة (Poet Laureate). جاء هذا التعيين بعد وفاة سلفه، الشاعر ويليام وايتهيد، ليضع وارتون في مكانة مرموقة تفرض عليه كتابة قصائد رسمية للمناسبات الملكية والوطنية، وهو تقليد عريق يعكس العلاقة بين الشعر والبلاط الملكي. هذا اللقب، الذي يعزز مكانة حامله كصوت أدبي رسمي للأمة، عزز من مكانة وارتون كشخصية أدبية محورية في بريطانيا آنذاك، مؤكدًا على الاعتراف الرسمي بموهبته الشعرية وبراعته في الأدب واللغة.
"ملذات الكآبة" وشعراء المقبرة: لمسة رومانسية مبكرة
من بين جميع أعماله الشعرية، تُعد قصيدة "ملذات الكآبة" (The Pleasures of Melancholy) هي الأكثر شهرة وتميزًا لوارتون، وهي عمل يمثل خير تمثيل لـ "شعراء المقبرة" (Graveyard Poets). كانت هذه الحركة الأدبية، التي ازدهرت في منتصف القرن الثامن عشر، بمثابة مقدمة مبكرة للعصر الرومانسي، حيث ابتعدت عن التقليد الكلاسيكي الجديد الصارم وركزت على موضوعات التأمل في الموت، والتفكر في الطبيعة العابرة للحياة، وجمال الخراب، والطبيعة القاتمة، وغالبًا ما كانت تجري أحداثها في المقابر والكنائس المهجورة. كانت "ملذات الكآبة" لوارتون تتناول هذه الموضوعات بعمق، مستخدمة لغة عاطفية وصورًا غنية لإثارة مشاعر الشجن والتأمل في النفس، مما يجعلها عملًا محوريًا في فهم تحولات الذوق الأدبي نحو الرومانسية وتبني المشاعر الفردية كمصدر للإلهام الفني.
توماس وارتون "الأصغر": إرث عائلي مميز
لتمييزه عن والده، الشاعر والباحث توماس وارتون الأكبر، غالبًا ما كان يُشار إلى توماس وارتون موضوع حديثنا بلقب "الأصغر". يعكس هذا التمييز تاريخًا عائليًا ثريًا بالنشاط الأدبي والفكري، حيث كان الوالد نفسه شخصية بارزة في عصره ومعلمًا لابنه. لقد ترك توماس وارتون الأصغر إرثًا أدبيًا لا يزال يُدرس ويُقدر حتى اليوم، ليس فقط كشاعر حائز على الجائزة، بل أيضًا كمنير طريق في مجال النقد والتاريخ الأدبي، مساهمًا في تشكيل المشهد الثقافي والأدبي لإنجلترا في القرن الثامن عشر وإرساء أسس البحث الأدبي الحديث.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هو توماس وارتون؟
- توماس وارتون (1728-1790) كان مؤرخًا أدبيًا إنجليزيًا بارزًا وناقدًا وشاعرًا. يُعرف بأعماله في التاريخ الأدبي وكونه الشاعر الحائز على الجائزة عام 1785، وكان له دور كبير في تشكيل الذوق الأدبي لعصره.
- ما هي أشهر قصائد توماس وارتون؟
- أشهر قصائده هي "ملذات الكآبة" (The Pleasures of Melancholy)، وهي قصيدة تجسد سمات حركة "شعراء المقبرة" الأدبية وتعتبر مقدمة مبكرة للحركة الرومانسية.
- ماذا تعني حركة "شعراء المقبرة"؟
- هي حركة أدبية ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر، تتميز بالتأمل في الموت، والخراب، والطبيعة الكئيبة، واستكشاف المشاعر الحزينة والمشاهد الليلية في أماكن مثل المقابر والكنائس المهجورة، ممهدة بذلك الطريق للحركة الرومانسية في الأدب الإنجليزي.
- متى تم تعيين توماس وارتون الشاعر الحائز على الجائزة؟
- تم تعيينه الشاعر الحائز على الجائزة عام 1785، وذلك بعد وفاة الشاعر السابق ويليام وايتهيد، ليصبح الصوت الشعري الرسمي للبلاط الملكي البريطاني.
- لماذا كان يُشار إليه أحيانًا بـ "توماس وارتون الأصغر"؟
- كان يُشار إليه بـ "توماس وارتون الأصغر" لتمييزه عن والده، توماس وارتون الأكبر، الذي كان أيضًا شاعرًا وباحثًا أدبيًا بارزًا في عصره، وذلك لتجنب اللبس بينهما في السجلات الأدبية.