جيم ارمسترونج ، عازف جيتار ايرلندي شمالي

جيمس أرمسترونج، اسمٌ ارتبط لعقود طويلة بملحمة موسيقى الروك والبلوز الأيرلندية الشمالية، وُلد في الرابع والعشرين من يوليو عام 1944 بمدينة بلفاست الصاخبة. هو عازف جيتار موهوب تجاوزت شهرته حدود وطنه الصغير ليُصبح أيقونة موسيقية حقيقية، تاركًا بصمة عميقة في تاريخ الموسيقى ومسهمًا في تشكيل المشهد الموسيقي لجيل كامل.

الخطوات الموسيقية الأولى: بلفاست ومسرح "رومانو"

لم تكن مسيرة أرمسترونج الموسيقية مجرد هواية عابرة، بل بدأت تتشكل في سنوات الدراسة المبكرة. عندما كان لا يزال تلميذًا، انضم إلى فرقة "ذا ميلوتونز" (The Melotones)، إحدى أبرز الفرق الموسيقية التي كانت تُحيي سهرات بلفاست آنذاك. كانت هذه الفرقة المقيمة في قاعة رومانو الشهيرة بالمدينة، بمثابة نقطة انطلاق حاسمة له، حيث صقل مهاراته وتعرف على أسرار العزف الحي أمام الجمهور، مكتسبًا الخبرة في أجواء بلفاست الموسيقية النابضة بالحياة.

عصر "ذيم" والنجومية العالمية

شهدت منتصف الستينيات محطة فارقة في حياة أرمسترونج المهنية، حيث شارك بالعزف والتسجيل مع فرقة "ذيم" (Them) الأسطورية، التي قادها المغني فـان موريسون. لم يكن أرمسترونج مجرد عازف مرافق، بل كان جزءًا لا يتجزأ من هوية الفرقة الصوتية، فقد عزف على أكثر من نصف الأغاني الـ 51 التي سجلها موريسون و"ذيم" بين عامي 1964 و1966، مساهمًا في نجاح أغاني مثل "غلوريا" (Gloria) و"هير كامز ذا نايت" (Here Comes the Night). هذا الدور المحوري مكنه من المشاركة في جولات الفرقة الواسعة النطاق في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أقام أربع سنوات، قضاها في العزف والتسجيل، ما أثرى تجربته الموسيقية بشكل كبير ومنحه رؤية أعمق للمشهد الموسيقي العالمي.

لقاء العمالقة في أمريكا والتقدير العالمي

خلال إقامته في أمريكا، لم تقتصر لقاءات أرمسترونج على مجرد التعاون المهني. بل أتيحت له فرصة فريدة لمقابلة والعزف مع شخصيات موسيقية أسطورية تركت بصماتها الخالدة في تاريخ الموسيقى العالمية. من بين هؤلاء النجوم، التقى جيم موريسون وفرقته "ذا دورز" (The Doors)، وعزف معهم، كما جمعته جلسات موسيقية مذهلة مع كابتن بيفهارت (Captain Beefheart) وفرانك زابا (Frank Zappa)، اثنان من أبرز المبتكرين في عالم الروك البديل والموسيقى التجريبية. كان لتلك الفترة تأثير عميق على أرمسترونج، حيث اكتسب تقديرًا دوليًا غير مسبوق، وصل إلى حد اختياره كثالث أفضل عازف جيتار في العالم، ليقف بذلك جنبًا إلى جنب مع عمالقة مثل جيمي هندريكس (Jimi Hendrix) وفرانك زابا. هذا التكريم لم يكن مجرد لقب، بل كان اعترافًا راسخًا بموهبته الفذة وأسلوبه المميز وقدرته على الابتكار في زمن كان يعج بالعباقرة الموسيقيين.

ما بعد "ذيم": مشاريع جديدة وتشكيلات موسيقية

بعد انفصاله عن فرقة "ذيم" في عام 1969، لم يتوقف أرمسترونج عن الإبداع. تعاون مجددًا مع المغني كيني ماكدويل (Kenny McDowell)، الذي كان قد حل محل فان موريسون في "ذيم" لفترة، وذلك ضمن مشروع فرقة "سك بو" (Sk'Boo)، إلى جانب ريكي ماكوتشين وكولم كونولي. لم يمض وقت طويل حتى شكّل أرمسترونج وماكدويل فرقة جديدة أطلقا عليها اسم "تروث" (Truth) بين عامي 1969 و1971 في مدينة شيكاغو الأمريكية، التي تُعد معقلًا لموسيقى البلوز، مما وفر للفرقة بيئة خصبة للإبداع. انضم إليهما في هذه الفرقة عازف الجيتار كورتيس باشمان (Curtis Bachman)، الذي كان عضوًا سابقًا في فرقة "باكينغهامز" (The Buckinghams)، وعازف الطبول رينو سميث (Reno Smith)، الذي كان قد عزف سابقًا مع "بيبي هيوي وجليسات الأطفال" (Baby Huey and the Babysitters). وأضافوا لاحقًا عازف الكيبورد والفيبرفون والساكسفون والناي راي إليوت (Ray Elliott) ليكتمل قوام الفرقة بأسلوب مميز يجمع بين الروك والبلوز والجاز.

السبعينيات والثمانينيات: عودة الروح

في أواخر السبعينيات، واصل أرمسترونج مسيرته الموسيقية الحافلة، فعزف مع ماكدويل مرة أخرى ضمن فرقة "سبايك" (Spike). ثم أصبح عازف الجيتار الرئيسي في فرقة الروك الأيرلندية الشمالية "لايت" (Light)، التي كانت تتميز بأسلوبها الرقيق. لم تكن هذه الفترة خالية من حنين الماضي، ففي عام 1979، شارك أرمسترونج وزميله في فرقة "لايت" برايان سكوت (Brian Scott) في جولة قصيرة لفرقة "ذيم" في ألمانيا. ومع حلول الثمانينيات، أعاد أرمسترونج وماكدويل إحياء فرقة "سك بو" (Sk'Boo) في نسخة معدلة، وأصبحوا يعزفون بانتظام في فندق "إريجل إن" (Errigle Inn) الشهير في بلفاست، مما يؤكد ارتباطه الوثيق بمسقط رأسه وحبه للجمهور المحلي.

موسيقي الجلسات في أيرلندا الشمالية

بالإضافة إلى مسيرته مع الفرق الموسيقية، كان جيمس أرمسترونج يعمل في الخدمة المدنية بوطنه الأم أيرلندا الشمالية، لكن شغفه بالموسيقى لم يتوقف. فقد كان موسيقي جلسات مطلوبًا بشدة، وشارك في عدد لا يحصى من التسجيلات والمشاريع الموسيقية التي تم إنتاجها محليًا. امتدت مساهماته لتشمل محطات تلفزيون أولستر (Ulster Television) وتلفزيون بي بي سي (BBC) ومحطات إذاعية أخرى، مما يدل على براعته وتنوعه في التعامل مع مختلف الأنماط الموسيقية وتقديم الدعم للعديد من الفنانين الصاعدين والراسخين.

فرقة جيم أرمسترونج ومحبة البلوز

في التسعينيات، خاض أرمسترونج تجربة العزف في جولة دامت تسع سنوات مع إحدى التجسيدات العديدة لفرقة "ذيم - ذا بلفاست بلوز باند" (Them – The Belfast Blues Band)، والتي ضمت إريك وريكسون (Eric Wrixon)، الشخص الذي يُنسب إليه تسمية الفرقة الأصلية "ذيم" ولكنه لم يتجول معها قط في بداياتها. بعد ذلك، أسس جيمس أرمسترونج فرقته الخاصة تحت اسم "فرقة جيم أرمسترونج" (Jim Armstrong Band)، والتي ضمت المغني وعازف الهارمونيكا الاسكتلندي جيم جيلكريست (Jim Gilchrist)، وعازف البيس علي ماكنزي (Ali Mackenzie) وعازف الطبول سيغي هيلك (Sigi Hilk)، وكلاهما كانا سابقًا في "بيلفاست بلوز باند"، مما أضفى على الفرقة خبرة عميقة في موسيقى البلوز. على الرغم من تنوع الأنماط الموسيقية التي عزفها أرمسترونج طوال مسيرته الطويلة، إلا أن موسيقى البلوز ظلت دائمًا حبه الرئيسي وشغفه الأول، حيث يرى فيها الروح والعمق الحقيقي للموسيقى.

لاس فيغاس: محطة جديدة في رحلة الحياة

حاليًا (وفقًا لمعلومات عام 2015)، يعيش جيمس أرمسترونج في مدينة لاس فيغاس بالولايات المتحدة الأمريكية. جاء هذا الانتقال بعد أن واجه مشكلة صحية أثناء قيامه بجولة في ألمانيا مع فرقته الخاصة، "فرقة جيم أرمسترونج"، مما استدعى انتقاله إلى الولايات المتحدة لتلقي الرعاية والاستقرار هناك، مواصلاً رحلته الشخصية والموسيقية في قارة مختلفة.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

من هو جيمس أرمسترونج؟
جيمس أرمسترونج هو عازف جيتار أيرلندي شمالي مرموق، ولد عام 1944 في بلفاست، اشتهر بمساهماته المحورية مع فرقة "ذيم" التي قادها فان موريسون، ومع فنانين عالميين آخرين مثل فرانك زابا وجيم موريسون.
ما هو دور جيمس أرمسترونج في فرقة "ذيم"؟
كان جيمس أرمسترونج عازف الجيتار الرئيسي في فرقة "ذيم" خلال منتصف الستينيات، وعزف على أكثر من نصف الأغاني الـ 51 التي سجلتها الفرقة مع فان موريسون بين عامي 1964 و1966، مما جعله جزءًا أساسيًا من صوت الفرقة المميز.
ما هي أشهر الفرق أو الفنانين الذين عزف معهم جيمس أرمسترونج في أمريكا؟
خلال إقامته في أمريكا، أتيحت له الفرصة للقاء والعزف مع شخصيات موسيقية أسطورية من أمثال جيم موريسون وفرقة "ذا دورز"، وكابتن بيفهارت، وفرانك زابا.
ما هو التكريم الذي حصل عليه جيمس أرمسترونج لمهاراته في عزف الجيتار؟
تم اختياره كثالث أفضل عازف جيتار في العالم خلال فترة إقامته في أمريكا، ليقف بذلك جنبًا إلى جنب مع عمالقة مثل جيمي هندريكس وفرانك زابا، وهو إنجاز يعكس مكانته الفنية الرفيعة.
ما هي الفرق الأخرى التي شكلها أو عزف فيها جيمس أرمسترونج بعد "ذيم"؟
بعد مغادرته "ذيم"، شارك في فرقة "سك بو"، ثم شكّل فرقة "تروث" في شيكاغو، وكان عازف الجيتار لفرقة الروك "لايت"، وعزف في "سبايك"، ثم أسس لاحقًا "فرقة جيم أرمسترونج" الخاصة به في مراحل لاحقة من مسيرته.
ما هو النمط الموسيقي المفضل لجيمس أرمسترونج؟
على الرغم من تنوعه في عزف العديد من الأنماط الموسيقية طوال مسيرته، إلا أن موسيقى البلوز هي حبه الرئيسي وشغفه الأول، وهو النمط الذي يعود إليه دائمًا.
أين يقيم جيمس أرمسترونج حاليًا (حسب آخر المعلومات المنشورة)؟
يعيش حاليًا (وفقًا لمعلومات عام 2015) في لاس فيغاس بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد انتقاله إليها لأسباب صحية واجهها أثناء جولة سابقة في ألمانيا.