السفينة الحربية النمساوية المجرية SMS Szent István تغرق قبالة الساحل الكرواتي بعد أن نسفها زورق MAS الإيطالي ؛ يتم تسجيل الحدث بواسطة الكاميرا من سفينة قريبة.
البحرية النمساوية المجرية: قصة قوة بحرية إمبراطورية
كانت البحرية النمساوية المجرية، والمعروفة رسميًا باللغة الألمانية باسم kaiserliche und königliche Kriegsmarine (البحرية الإمبراطورية والملكية) وباللغة المجرية Cszári és Királyi Haditengerészet، هي القوة البحرية المرموقة التي مثلت الإمبراطورية النمساوية المجرية الواسعة. كانت سفن هذه البحرية تحمل التعيين الشرفي SMS، وهو اختصار لـ Seiner Majestät Schiff (سفينة صاحب الجلالة)، مما يعكس ارتباطها المباشر بالتاج الإمبراطوري الملكي الذي حكم هذه الملكية المزدوجة.
من الجذور الإمبراطورية إلى الملكية المزدوجة
قبل عام 1867، عندما تشكلت الإمبراطورية النمساوية المجرية، كانت البحرية الإمبراطورية النمساوية، أو ما كان يُعرف بالبحرية النمساوية، قد خاضت غمار العديد من الصراعات الكبرى التي شكلت تاريخ أوروبا. شاركت هذه البحرية في الحروب الثورية الفرنسية والحروب النابليونية، بالإضافة إلى حملات أبعد مثل الحملة النمساوية ضد المغرب عام 1829. كما لعبت دورًا في الحرب المصرية العثمانية الثانية، وشاركت في حربي الاستقلال الإيطالي الأولى والثانية، وحرب شليسفيغ الثانية، وأخيرًا حرب الاستقلال الإيطالية الثالثة. كانت هذه الفعاليات بمثابة أساس الخبرة البحرية التي بُنيت عليها القوة اللاحقة.
جاء التحول الكبير بعد هزيمة النمسا أمام بروسيا وإيطاليا خلال حرب الأسابيع السبعة عام 1866. هذه الهزيمة أدت إلى إصلاحات هيكلية عميقة في الإمبراطورية النمساوية، مما أسفر عن تشكيل الملكية المزدوجة بين النمسا والمجر في عام 1867. وبطبيعة الحال، تبعت البحرية هذا التحول لتصبح "البحرية النمساوية المجرية".
تطور وازدهار: قوة صاعدة في الأدرياتيكي
على الرغم من إهمالها إلى حد كبير في سنواتها الأولى بعد التأسيس، شهدت البحرية الإمبراطورية والملكية نموًا وتوسعًا ملحوظًا جنبًا إلى جنب مع التصنيع السريع الذي شهدته الإمبراطورية النمساوية المجرية. تحولت هذه القوة البحرية تدريجيًا إلى واحدة من أكبر القوات البحرية وأكثرها تطورًا في منطقتي البحر الأدرياتيكي والبحر الأبيض المتوسط. بحلول عام 1914، عشية الحرب العالمية الأولى، وصلت البحرية النمساوية المجرية إلى ذروة قوتها، حيث كان قوامها في زمن السلم يبلغ حوالي 20,000 فرد. لم تقتصر أنشطتها على المياه الأوروبية، بل شهدت عملًا في صراعات عالمية مثل تمرد الملاكمين في الصين، وبعض الاشتباكات الإقليمية الأخرى التي سبقت الحرب العظمى، مما أكسبها خبرة قتالية متنوعة.
الحرب العالمية الأولى: تحديات الحصار والمناورة
خلال معظم فترات الحرب العالمية الأولى، واجهت البحرية النمساوية المجرية تحديًا استراتيجيًا كبيرًا. فقد أقامت دول الحلفاء حصارًا بحريًا فعالًا عرف بـ"حصار أوترانتو"، بهدف تحييد القوة البحرية النمساوية المجرية داخل البحر الأدرياتيكي. كانت مهمة البحرية الرئيسية في هذه الفترة تتمثل في الدفاع عن سواحل الإمبراطورية الشاسعة، والتي امتدت لنحو 1,130 ميلًا بحريًا (حوالي 2,090 كيلومترًا)، بالإضافة إلى 2,172.4 ميلًا بحريًا (حوالي 4,023.3 كيلومترًا) من سواحل الجزر. وبدلاً من المخاطرة بتدمير البوارج والطرادات وسفن السطح الأخرى في مواجهة الحصار، اختارت البحرية الاعتماد بشكل كبير على غواصاتها (U-boats) لمهاجمة سفن الحلفاء.
في محاولة يائسة لكسر هذا الحصار المحكم وتأمين ممر لسفنها الحربية وغواصاتها، شنت البحرية النمساوية المجرية هجومًا بحريًا كبيرًا في يونيو 1918. ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل وتوقفت بعد فترة وجيزة، إثر حادثة غرق البارجة البارزة SMS Szent István على يد زورق طوربيد إيطالي في العاشر من يونيو، وهو ما كان ضربة قاسية للمعنويات والخطط البحرية.
الانهيار والنهاية: تفكك الإمبراطورية ومصير الأسطول
بعد خمسة أشهر فقط من محاولة كسر الحصار، ومع اقتراب الإمبراطورية النمساوية المجرية من الانهيار الكامل والهزيمة الحتمية في الحرب، اتخذت الإمبراطورية قرارًا مصيريًا بنقل غالبية أسطولها البحري إلى دولة السلوفينيين والكروات والصرب المُعلنة حديثًا في 31 أكتوبر 1918. كان هذا الإجراء يهدف إلى منع وقوع هذه السفن القيمة في أيدي الحلفاء كغنيمة حرب، ولكنه في الواقع أدى إلى إنهاء وجود البحرية الإمبراطورية والملكية كقوة مستقلة. بعد ثلاثة أيام، وقعت السلطات العسكرية للإمبراطورية هدنة فيلا جوستي، مما سحب الإمبراطورية المتفككة بسرعة من الحرب.
مع التوقيع على معاهدة سان جيرمان أونلي ومعاهدة تريانون بعد الحرب، أصبحت النمسا والمجر دولتين حبيستين بلا منفذ بحري. وأصبحت أهم الموانئ البحرية للإمبراطورية سابقًا، مثل تريست وبولا وفيومي وراغوزا (دوبروفنيك حاليًا)، جزءًا من إيطاليا ويوغوسلافيا (أو كرواتيا وسلوفينيا اليوم). أما السفن الرئيسية المتبقية من البحرية النمساوية المجرية، فقد تم تسليمها إلى الحلفاء المنتصرين، الذين تخلصوا من معظمها في عشرينيات القرن الماضي خلال عصر نزع السلاح البحري العالمي.
SMS Szent István: أيقونة الفخر النمساوي المجري والغرق الدرامي
كانت السفينة SMS Szent István (سفينة صاحب الجلالة سانت ستيفن) هي الأخيرة من أربع بوارج قوية من فئة "تيجيتوف" تم بناؤها لصالح البحرية النمساوية المجرية. تُعد قصة هذه البارجة رمزًا للفخر الهندسي والعسكري للإمبراطورية، بالإضافة إلى نهايتها المأساوية التي جسدت انهيار القوة البحرية للإمبراطورية.
ولادة عملاق بحري
تميزت Szent István بكونها السفينة الوحيدة من فئتها التي تم بناؤها داخل الجزء المجري من الإمبراطورية النمساوية المجرية، وهو امتياز سياسي قُدم للحكومة المجرية مقابل دعمها للميزانيات البحرية لعامي 1910 و1911، التي مولت بناء فئة "تيجيتوف" بأكملها. تم بناء السفينة في حوض بناء السفن "غانتس دانوبيوس" في مدينة فيومي (تسمى الآن رييكا في كرواتيا)، حيث وُضعت عارضتها في يناير 1912. تم إطلاقها بعد عامين في عام 1914، لكن عملية بناء Szent István تأخرت بسبب قدرات أحواض بناء السفن الأصغر نسبيًا في فيومي، وتفاقمت هذه التأخيرات مع اندلاع الحرب العالمية الأولى في يوليو 1914. تم تكليفها أخيرًا بالخدمة الفعلية في البحرية النمساوية المجرية في ديسمبر 1915.
كانت السفينة مسلحة ببطارية رئيسية قوية تتألف من اثني عشر مدفعًا عيار 30.5 سم (12.0 بوصة)، موزعة على أربعة أبراج ثلاثية، مما جعلها قوة نيران هائلة. عند تكليفها، تم تعيين Szent István في الفرقة الأولى للبوارج ضمن البحرية النمساوية المجرية، وكانت تتمركز، جنبًا إلى جنب مع سفن أخرى من فئتها، خارج القاعدة البحرية النمساوية المجرية الهامة في مدينة بولا (التي تقع الآن في كرواتيا).
خدمة محدودة ونهاية مفاجئة
جاء تكليف Szent István في الأسطول بعد فوات الأوان بالنسبة لها للمشاركة في قصف أنكونا بعد إعلان إيطاليا الحرب على النمسا والمجر في مايو 1915. ونتيجة لذلك، لم تشهد السفينة سوى القليل جدًا من القتال لبقية فترة الحرب بسبب حصار أوترانتو المحكم، الذي منع البحرية النمساوية المجرية من مغادرة البحر الأدرياتيكي وخوض اشتباكات كبرى في البحر الأبيض المتوسط.
في يونيو 1918، وكجزء من المحاولة اليائسة سالفة الذكر لضمان مرور أكثر أمانًا لغواصات يو الألمانية والنمساوية المجرية عبر مضيق أوترانتو، حاولت البحرية النمساوية المجرية كسر الحاجز. كان من المقرر أن يقود هذا الهجوم جميع السفن الأربع من فئة "تيجيتوف"، بما في ذلك Szent István. لكن القدر كان له رأي آخر؛ ففي صباح يوم 10 يونيو، تعرضت Szent István وشقيقتها Tegetthoff لهجوم مفاجئ من قبل زوارق طوربيد إيطالية سريعة. ورغم أن Tegetthoff نجت دون أذى، إلا أن Szent István أصيبت بطوربيدين أطلقا من الزورق الإيطالي MAS-15. بدأت السفينة في الانقلاب ببطء على مدى ثلاث ساعات تقريبًا قبالة جزيرة بريمودا (الواقعة الآن في كرواتيا)، ليتم تصوير هذا المشهد المأساوي بالكامل. وتعد هذه الحادثة فريدة من نوعها، حيث أنها البارجة الوحيدة التي تم تصوير غرقها بالكامل خلال الحرب العالمية الأولى، مما يمنحها مكانة خاصة في سجلات التاريخ البحري.
الحطام اليوم: نصب تذكاري تحت الماء
تم العثور على حطام السفينة SMS Szent István من قبل البحرية اليوغوسلافية في منتصف السبعينيات. وهي ترقد الآن مقلوبة رأسًا على عقب على عمق حوالي 66 مترًا (217 قدمًا) تحت سطح البحر. انكسر قوسها عندما اصطدم بقاع البحر بينما كان مؤخرها لا يزال طافيًا، لكنه الآن يقع مباشرة بجوار بقية الهيكل الذي تغطيه الشعاب المرجانية والكائنات البحرية بشكل كثيف. يُعد موقع الحطام اليوم موقعًا محميًا تابعًا لوزارة الثقافة الكرواتية، حيث يشكل نصبًا تذكاريًا صامتًا لتلك الحقبة من التاريخ البحري.
الأسئلة الشائعة حول البحرية النمساوية المجرية والسفينة SMS Szent István
- ما هو الاسم الرسمي للبحرية النمساوية المجرية؟
- كان اسمها الرسمي بالألمانية هو kaiserliche und königliche Kriegsmarine، وباللغة المجرية Cszári és Királyi Haditengerészet. وكان يرمز لسفنها بـ SMS، اختصارًا لـ Seiner Majestät Schiff (سفينة صاحب الجلالة).
- متى تشكلت البحرية النمساوية المجرية ومتى انتهى وجودها؟
- تشكلت عام 1867 مع تأسيس الملكية المزدوجة النمساوية المجرية، وانتهى وجودها الفعلي في 31 أكتوبر 1918، قبيل نهاية الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية.
- ما هو الدور الرئيسي الذي لعبته البحرية النمساوية المجرية خلال الحرب العالمية الأولى؟
- بسبب حصار أوترانتو الذي فرضه الحلفاء، تركز دورها بشكل أساسي على الدفاع الساحلي واستخدام الغواصات (U-boats) لمهاجمة سفن الحلفاء، بدلاً من الاشتباك المباشر بأسطولها السطحي الكبير.
- لماذا تُعد البارجة SMS Szent István ذات أهمية خاصة؟
- كانت SMS Szent István آخر بارجة من فئة تيجيتوف، وكانت الوحيدة التي بنيت في الجزء المجري من الإمبراطورية. والأهم من ذلك، أنها البارجة الوحيدة في الحرب العالمية الأولى التي تم تصوير عملية غرقها بالكامل، مما يجعلها وثيقة تاريخية فريدة.
- ماذا حدث لأسطول البحرية النمساوية المجرية بعد الحرب العالمية الأولى؟
- في أواخر عام 1918، تم نقل معظم الأسطول إلى دولة السلوفينيين والكروات والصرب حديثة التأسيس لتجنب وقوعها في أيدي الحلفاء. بعد توقيع معاهدات السلام، أصبحت النمسا والمجر دولتين حبيستين، وتم تسليم السفن الرئيسية إلى الحلفاء الذين قاموا بتفكيك معظمها في عشرينيات القرن الماضي.
- أين يمكن العثور على حطام SMS Szent István اليوم؟
- يرقد حطامها مقلوبًا رأسًا على عقب على عمق 66 مترًا قبالة جزيرة بريمودا في البحر الأدرياتيكي، وهو اليوم موقع محمي تشرف عليه وزارة الثقافة الكرواتية.