صوفيا كامبل ، رسام إنجليزي-أسترالي (مواليد 1777)

صوفيا كامبل (ني بالمر) (1777-1833) تمثل شخصية آسرة بين المستوطنين الأوروبيين الأوائل في أستراليا، فكانت حياتها متشابكة مع النسيج الإداري والتجاري للمستعمرة الوليدة. وُلدت في إنجلترا عام 1777، ثم قامت برحلة بحرية إلى شواطئ نيو ساوث ويلز البعيدة، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من القصة التأسيسية لأمة جديدة.

وُلدت صوفيا بالمر في بورتسموث بإنجلترا، المدينة الساحلية التي اشتهرت بكونها مركزًا بحريًا حيويًا، وكانت واحدة من ثمانية أطفال لعائلة بالمر. تلقت تعليمها في لندن، مما يشير إلى خلفية عائلية ميسورة الحال، توفرت لها فرص الاستكشاف الفكري. في نوفمبر من عام 1800، انطلقت صوفيا في رحلة بحرية مصيرية على متن السفينة "بوربواز" (HMS Porpoise) متجهةً إلى سيدني، نيو ساوث ويلز. لم تكن وحيدة في هذه الرحلة الشاقة، بل رافقتها عائلتها الكبيرة التي كانت تسعى للاستقرار الدائم في المستعمرة الجديدة. ضمت المجموعة شقيقها الأكبر، جون بالمر، وهو ضابط بحري بارز وزوجته وعائلته، وشقيقها الآخر العازب كريستوفر بالمر، بالإضافة إلى أختها غير المتزوجة سارة صوفيا بالمر. كانت هذه العائلة الوافدة جزءًا من الموجة الثانية من المستوطنين الأوروبيين الذين سعوا لبناء حياة جديدة في أرض بعيدة، بعد أن وضع الأسطول الأول أسس المستعمرة.

تأثير جون بالمر والحياة الاستعمارية المبكرة

كان لشقيق صوفيا، جون بالمر، تاريخ طويل وراسخ في المستعمرة الأسترالية قبل وصولها. فقد كان من الرواد الحقيقيين، إذ قدم إلى سيدني للمرة الأولى في عام 1788 كضابط مطارد (pursuer) على متن السفينة "إتش إم إس سيريوس" (HMS Sirius)، وهي السفينة الرائدة للأسطول الأول الذي حمل أوائل المستوطنين والمحكوم عليهم إلى الشواطئ الأسترالية. لم يكن وجوده مجرد عابر؛ فقد أصبح جون شخصية محورية في الإدارة الاستعمارية، حيث شغل منصب المفوض العام لنيو ساوث ويلز (Commissary General) من عام 1791 حتى عام 1811، واستمر في الخدمة حتى تقاعده في عام 1819. هذا المنصب كان حيويًا للمستعمرة الوليدة، حيث كان مسؤولاً عن توريد المؤن والإمدادات الأساسية، مما جعله قوة اقتصادية وإدارية لا غنى عنها. بالإضافة إلى ذلك، تولى منصب قاضٍ منذ عام 1793، مما رسخ مكانته كسلطة قضائية. عند وصولها، استقرت صوفيا في البداية بمنحة الأرض الواسعة التي خصصت لجون بالمر في عام 1793، والتي بلغت مساحتها 100 فدان (حوالي 40 هكتارًا)، وأطلق عليها اسم "مزرعة وولومولو" (Woolloomooloo Farm). كانت هذه المنطقة، التي أصبحت فيما بعد جزءًا حيويًا من سيدني، نقطة انطلاق صوفيا في حياتها الأسترالية.

زواجها من روبرت كامبل وتأسيس الأسرة

في غضون عام واحد فقط من وصولها إلى سيدني، شهدت صوفيا بالمر تحولًا كبيرًا في حياتها. ففي السابع عشر من سبتمبر عام 1801، تزوجت من التاجر الاسكتلندي البارز روبرت كامبل (Robert Campbell) في كنيسة سانت فيليب (St Philip's Church) التاريخية بسيدني، وهي إحدى أقدم الكنائس في المستعمرة. كان روبرت، وهو مشيخي يكبرها بثماني سنوات، شخصية اقتصادية مؤثرة، يُعرف بكونه رائدًا في تجارة الصوف وتوسيع الروابط التجارية بين أستراليا والمملكة المتحدة. بعد الزواج، انتقلت صوفيا للعيش في "وارف هاوس" (Wharf House)، منزل زوجها الفخم الذي كان يقع خلف رصيفه الخاص على الجانب الغربي من سيركولار كواي (Circular Quay)، وهو موقع استراتيجي يعكس مكانة روبرت التجارية البارزة في قلب سيدني المزدهرة. على الرغم من أن حياتها تركزت في سيدني، إلا أن صوفيا قامت برحلتين طويلتين إلى إنجلترا (في الفترة من 1805-1806 ومن 1810-1815)، ربما لأسباب عائلية أو تجارية، بالإضافة إلى رحلات أقصر إلى أجزاء مختلفة من نيو ساوث ويلز. هذه الرحلات تدل على شبكة علاقاتها الواسعة وحرصها على البقاء على اتصال بجذورها، بينما كانت تكرس نفسها لبناء حياتها في المستعمرة الجديدة حتى وفاتها.

جدل إسناد الأعمال الفنية

لفترة طويلة من الزمن، وتحديدًا حتى عام 2009، كانت صوفيا كامبل تُعتبر فنانة موهوبة، وقد أشار إليها مؤرخون بارزون مثل البروفيسور جوان كير وكليفورد بورميستر وآخرون، على أنها هي من أنجزت مجموعتين من دفاتر الرسم الفنية. كانت هذه الدفاتر، التي تضم رسومات قيمة، محفوظة بعناية فائقة في مؤسسات وطنية مرموقة: إحداها في مكتبة أستراليا الوطنية والأخرى في مكتبة ولاية نيو ساوث ويلز، مما أضفى شرعية كبيرة على إسنادها إليها. ولكن، في مايو 2009، حدث تحول كبير في هذا الإسناد التاريخي. فبعد دراسات وأبحاث معمقة، أُعيد إسناد هذه الدفاتر الفنية إلى إدوارد تشارلز كلوز (Edward Charles Close). وقد ترتب على هذا التغيير في الإسناد إزالة أي دليل سابق كان يشير إلى أن صوفيا كامبل كانت فنانة، مما يغير جزءًا مهمًا من فهمنا لإسهاماتها الثقافية المزعومة في تاريخ المستعمرة.

حياتها المتأخرة وإرثها

استمرت صوفيا كامبل في العيش في سيدني، مدينة أصبحت بيتها، حتى وافتها المنية في عام 1833. دُفنت في مقبرة القديس يوحنا التاريخية في باراماتا (St John's Cemetery, Parramatta)، وهي واحدة من أقدم وأهم مواقع الدفن الأوروبية في أستراليا، والتي تضم رفات العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ المستعمرة. على الرغم من أن إسهاماتها الفنية قد أُعيد تقييمها تاريخيًا، إلا أن مكانة صوفيا كامبل تظل راسخة كواحدة من أوائل المستوطنات الأستراليات اللواتي ساهمن في تشكيل النسيج الاجتماعي والعائلي لنيو ساوث ويلز. حياتها كزوجة لأحد أبرز التجار، وشقيقة أحد كبار المسؤولين الاستعماريين، تجعلها شخصية محورية لفهم الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية للمستعمرة في مراحلها التأسيسية. إرثها لا يكمن فقط في سيرتها الذاتية، بل في الروابط العائلية التي ساعدت في بناء المجتمعات الأولى وتحديد مسار تطور سيدني ونيو ساوث ويلز ككل.

أسئلة متكررة (FAQs)

من هي صوفيا كامبل (ني بالمر)؟
كانت صوفيا كامبل (1777-1833) من أوائل المستوطنات الأوروبيات في أستراليا، وصلت إلى سيدني عام 1800 وكانت جزءًا من عائلة بالمر المؤثرة قبل زواجها من التاجر البارز روبرت كامبل.
متى وصلت صوفيا إلى أستراليا؟
وصلت صوفيا إلى سيدني، نيو ساوث ويلز، في نوفمبر 1800 على متن السفينة "بوربواز" (HMS Porpoise)، برفقة أفراد عائلتها.
من كان شقيقها جون بالمر وما هو دوره؟
جون بالمر كان ضابطًا بحريًا بارزًا وصل مع الأسطول الأول عام 1788. شغل منصب المفوض العام لنيو ساوث ويلز من 1791 إلى 1811 وقاضيًا منذ 1793، وكان شخصية إدارية واقتصادية محورية في المستعمرة.
من هو زوج صوفيا وما مدى أهميته؟
تزوجت صوفيا من روبرت كامبل عام 1801، وهو تاجر اسكتلندي مشيخي بارز. كان كامبل شخصية اقتصادية رائدة، خاصة في تجارة الصوف، وساهم في ترسيخ الروابط التجارية للمستعمرة.
هل كانت صوفيا كامبل فنانة؟
كان يُعتقد أنها فنانة حتى عام 2009، حيث نُسب لها دفترا رسم. ومع ذلك، في مايو 2009، أُعيد إسناد هذه الأعمال إلى إدوارد تشارلز كلوز، مما أزال أي دليل على أن صوفيا كانت فنانة.
أين توفيت صوفيا ودُفنت؟
توفيت صوفيا في سيدني عام 1833 ودُفنت في مقبرة القديس يوحنا التاريخية في باراماتا، وهي موقع دفن يعود تاريخه إلى بدايات الاستيطان الأوروبي في أستراليا.