شارلوت تورنر سميث ، شاعر ومؤلف إنجليزي (ب 1749)
عاشت شارلوت سميث، التي ولدت باسم شارلوت تيرنر، حياةً امتدت من الرابع من مايو عام 1749 وحتى الثامن والعشرين من أكتوبر عام 1806. تُعرف هذه الأديبة الإنجليزية كشاعرة وروائية بارزة من الفترة الرومانسية، وهي فترة تاريخية شهدت تحولات عميقة في الفكر والفن والأدب في أوروبا، وتميزت بالتركيز على العاطفة والفردية والطبيعة.
على الرغم من إسهاماتها الغزيرة التي شملت عشر روايات وأربعة كتب مخصصة للأطفال، بالإضافة إلى أعمال أدبية أخرى متنوعة، فإن شارلوت سميث كانت ترى نفسها بالأساس شاعرةً. كانت تأمل أن تُخلّد ذكراها بفضل السوناتات التي تركتها، والتي كانت بمثابة بصمة مميزة في المشهد الأدبي لعصرها، مما يعكس شغفها العميق بالشعر وتفضيلها له على النثر.
إحياء السوناتة الإنجليزية وتجديدها
تُعد شارلوت سميث رائدةً في إحياء السوناتة الإنجليزية، هذا الشكل الشعري الذي كان قد شهد تراجعًا قبل ظهورها. لم تكتفِ بإحيائه فحسب، بل قامت بتحويله إلى وسيلة قوية للتعبير عن المشاعر العميقة واليائسة، وهو ما ميّزها عن معاصريها. لقد غدت سوناتاتها مرآة تعكس أحاسيس الكآبة والحزن والشجن، مقدمةً بذلك بعدًا جديدًا لهذا النوع الشعري الذي غالبًا ما كان يُستخدم للتعبير عن الحب أو الجمال الطبيعي. يُعزى لها الفضل في جعل السوناتة تعبيرًا شخصيًا وحميميًا عن الشكوى والمعاناة، الأمر الذي لاقى صدىً واسعًا بين قراء عصرها.
الروايات: من القوطية إلى السياسية
لم يقتصر تأثير سميث على الشعر فحسب، بل امتد ليشمل عالم الرواية أيضًا. فقد ساهمت بشكل فعال في وضع وتثبيت أعراف الخيال القوطي، ذلك النوع الأدبي الذي يمزج بين الرعب والرومانسية والعناصر الغامضة، غالبًا ما تدور أحداثه في قصور قديمة أو أماكن مهجورة وتتميز بالغموض والتشويق. كما أنها ابتكرت ما يُعرف بـ "الروايات السياسية من الحساسية"، وهي أعمال أدبية تتناول القضايا الاجتماعية والسياسية عبر عدسة المشاعر الإنسانية العميقة وتأثيرها على الفرد والمجتمع، مما يمنح القارئ تجربة عاطفية وفكرية في آن واحد.
شهدت رواياتها تطورًا ملحوظًا؛ فبينما كانت أعمالها المبكرة تستكشف تعقيدات العاطفة الإنسانية وتفاعلاتها، اتخذت رواياتها اللاحقة منحىً أكثر جرأةً. ففي أعمال مثل "ديزموند" (Desmond) و"البيت الريفي القديم" (The Old Manor House)، أظهرت سميث ميلًا واضحًا للإشادة بالمثل العليا التي نادت بها الثورة الفرنسية، كالحرية والمساواة والأخوة، وهي مواقف كانت جريئة في عصرها وسببت لها بعض الجدل والنقد، لكنها أظهرت بوضوح التزامها بالقضايا الاجتماعية والسياسية.
الصراعات الشخصية وتأثيرها على الأدب
إن قصة شارلوت سميث هي قصة صمود امرأة في وجه التحديات الشخصية والمجتمعية. فبعد أن تركت زوجها، وجدت نفسها في موقف حرج يتطلب منها إعالة أطفالها، وهو ما دفعها إلى احتراف الكتابة كمصدر للدخل. لم يكن هذا القرار سهلاً في مجتمع القرن الثامن عشر، حيث كانت النساء يواجهن قيودًا قانونية واجتماعية كبيرة تمنعهن من الاستقلال المالي والتحكم في مصائرهن.
إن نضالها المرير من أجل الاستقلال القانوني والمالي كامرأة، وتجاربها مع القوانين المعقدة المتعلقة بالزواج والممتلكات، قد تركت بصماتها العميقة على مجمل أعمالها. تتجلى هذه التجربة في شعرها الذي ينضح بالمرارة واليأس، وفي رواياتها التي غالبًا ما تصور معاناة النساء من الظلم الاجتماعي والقانوني، وحتى في مقدمات سيرها الذاتية التي كانت بمثابة منصة لانتقاد هذا الظلم والتعبير عن تطلعاتها للعدالة.
سنواتها الأخيرة وإعادة اكتشافها
على الرغم من إسهاماتها الجليلة، شهدت السنوات الأخيرة من حياة شارلوت سميث تراجعًا في الاهتمام بأعمالها، مما أدى بها إلى الفقر المدقع بحلول عام 1803. وصلت بها الحال إلى درجة أنها كادت لا تستطيع الإمساك بالقلم بسبب المرض والضعف، فاضطرت لبيع مكتبتها الشخصية الثمينة لتسديد ديونها المتراكمة وتغطية نفقات معيشتها. توفيت سميث في عام 1806، منهكةً بعد حياة حافلة بالإنتاج الأدبي والصراعات الشخصية التي لا تُحصى.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت شارلوت سميث قد طواها النسيان إلى حد كبير، ولم تعد تُقرأ أو تُدرّس بشكل واسع. لكن مع مرور الوقت، وفي العقود الأخيرة على وجه الخصوص، أعاد النقاد والباحثون اكتشاف أعمالها وقيمتها الأدبية الفريدة، ونالت اهتمامًا متزايدًا في دراسات الأدب الرومانسي والنسوي. واليوم، تُعرف وتُدرّس كواحدة من أهم الكاتبات الرومانسيات، التي تركت بصمة لا تُمحى في الأدب الإنجليزي، ولا سيما في تطوير السوناتة والرواية القوطية والسياسية، وتُعد شخصية محورية لفهم المشهد الأدبي لعصرها.
الأسئلة الشائعة حول شارلوت سميث
- من هي شارلوت سميث؟
- شارلوت سميث (المولودة تيرنر) كانت أديبة إنجليزية بارزة من الفترة الرومانسية، اشتهرت كشاعرة وروائية. تُعرف بإسهاماتها في إحياء السوناتة الإنجليزية وتطوير الروايات القوطية والسياسية، وعاشت بين عامي 1749 و1806.
- ما هي أبرز إسهاماتها الأدبية؟
- تُنسب إليها فضل كبير في إحياء السوناتة الإنجليزية وتطويرها لتصبح وسيلة للتعبير عن المشاعر البائسة. كما ساهمت في وضع أسس الخيال القوطي وابتكرت نوعًا جديدًا من "الروايات السياسية من الحساسية" التي مزجت بين العواطف والقضايا المجتمعية.
- لماذا بدأت شارلوت سميث الكتابة؟
- اضطرت شارلوت سميث إلى احتراف الكتابة لدعم أطفالها بعد انفصالها عن زوجها، وذلك في ظل ظروف مالية صعبة وفي عصر كانت فيه الخيارات المتاحة للمرأة محدودة جدًا للاستقلال المادي.
- كيف أثرت حياتها الشخصية على أعمالها؟
- لقد تركت صراعاتها من أجل الاستقلال القانوني والمالي كامرأة، بالإضافة إلى تجاربها الشخصية المؤلمة، بصمات عميقة على شعرها ورواياتها. تظهر هذه التجارب جليًا في مواضيع اليأس والحزن والنقد الاجتماعي التي تكررت في أعمالها، وحتى في مقدمات سيرها الذاتية.
- ما هو مصير أعمالها بعد وفاتها؟
- بعد وفاتها، شهدت أعمالها فترة من النسيان النسبي في منتصف القرن التاسع عشر. إلا أنها أعيد اكتشافها في العصور الحديثة وأصبحت تُصنف اليوم كواحدة من أهم الكاتبات الرومانسيات وأكثرها تأثيرًا في تطور الأدب الإنجليزي.
- ما هي سمات السوناتات التي كتبتها؟
- تتميز سوناتات شارلوت سميث بكونها تعبيرًا قويًا عن المشاعر اليائسة والكآبة، وغالبًا ما كانت مستوحاة من تجاربها الشخصية وصراعاتها. لقد حوّلت السوناتة من شكل شعري تقليدي إلى وسيلة حميمية للتعبير عن الألم الإنساني والهموم الشخصية.
- هل لديها روايات معروفة؟
- نعم، من أبرز رواياتها "ديزموند" (Desmond) و"البيت الريفي القديم" (The Old Manor House)، والتي اشتهرت بجرأتها في تناول القضايا السياسية والاجتماعية، لا سيما إشادتها بمُثُل الثورة الفرنسية، مما عكس رؤاها التقدمية في زمنها.