ماري ولستونكرافت (27 أبريل 1759 - 10 سبتمبر 1797)، كاتبة وفيلسوفة إنجليزية، ويُنظر إليها على نطاق واسع كإحدى الرائدات والمؤسسات للفلسفة النسوية. خلال عصر التنوير، تحدت ولستونكرافت، بجرأة غير معهودة في زمانها، الأعراف الاجتماعية الراسخة المتعلقة بوضع المرأة ودورها في المجتمع. ورغم أن حياتها الشخصية التي اتسمت بعلاقات غير تقليدية آنذاك، استقطبت اهتمامًا يفوق كتاباتها حتى أواخر القرن العشرين، إلا أنها اليوم تُعد مصدر إلهام ومحطة فكرية مهمة للنسويات حول العالم، حيث تُستشهد بحياتها وأعمالها باستمرار كمؤثرات أساسية في تطور الفكر النسوي.
أفكارها الثورية ومؤلفاتها المتنوعة
على الرغم من مسيرتها المهنية القصيرة، تركت ماري ولستونكرافت وراءها إرثًا أدبيًا وفكريًا غنيًا ومتنوعًا. شملت أعمالها الروايات، والأطروحات الفلسفية، وسرد الرحلات، وتاريخًا للثورة الفرنسية، بالإضافة إلى كتب في السلوك وأخرى موجهة للأطفال. لكن عملها الأكثر شهرة والذي رسخ مكانتها كفيلسوفة نسوية هو "دفاعًا عن حقوق المرأة" (A Vindication of the Rights of Woman) الصادر عام 1792. في هذا العمل المحوري، تجادل ولستونكرافت بقوة بأن النساء لا يملكن دونه طبيعية للرجال، بل إن ما يُنظر إليه كضعف أو نقص لديهن هو نتيجة مباشرة لافتقارهن إلى التعليم والفرص المتساوية. لقد كانت رسالتها واضحة: يجب معاملة كل من الرجال والنساء ككائنات عقلانية، قادرة على التفكير والاستدلال، ودعت إلى نظام اجتماعي يقوم على مبادئ العقل والإنصاف، حيث يُتاح لكلا الجنسين تطوير قدراتهما الكاملة.
حياة غير عادية وتحديات شخصية
لم تكن حياة ماري ولستونكرافت مجرد مسار فكري، بل كانت تجسيدًا حيًا لتحديات امرأة مستقلة في مجتمع محافظ. لقد عاشت ماري حياة مليئة بالصراعات الشخصية التي غالبًا ما وضعتها على خلاف مع التوقعات الاجتماعية لعصرها. فبعد علاقتين لم تُكللا بالنجاح، الأولى مع الفنان السويسري هنري فوسيلي والثانية مع رجل الأعمال الأمريكي جيلبرت إيملاي، التي أسفرت عن إنجاب ابنتها الأولى، فاني إيملاي، وجدت ماري الحب والرفقة الفكرية مع الفيلسوف الراديكالي ويليام جودوين. كان جودوين، الذي يُعتبر أحد رواد الفلسفة الأناركية، شريكًا فكريًا لماري، وتشاركا رؤى مشتركة حول المجتمع والإصلاح. إلا أن القدر لم يمهلهما سوى وقت قصير معًا، فبعد 11 يومًا فقط من ولادة ابنتهما الثانية، ماري شيلي، التي ستصبح لاحقًا مؤلفة رواية "فرانكنشتاين" الخالدة، توفيت ولستونكرافت عن عمر يناهز 38 عامًا بسبب حمى النفاس، تاركة وراءها العديد من المخطوطات غير المكتملة وإرثًا فكريًا ينتظر إعادة اكتشافه.
إرثها وتأثيرها الدائم
كانت وفاة ماري ولستونكرافت المبكرة خسارة كبيرة، لكن الأحداث التي تلتها أضافت تعقيدًا لإرثها. ففي عام 1798، نشر أرملها ويليام جودوين "مذكرات" عن حياتها، كشف فيها بتفاصيل صريحة عن أسلوب حياتها غير التقليدي، بما في ذلك علاقاتها الرومانسية خارج إطار الزواج ونضالاتها الشخصية. لسوء الحظ، في عصر كان فيه السمعة العامة للمرأة تُقاس بمدى التزامها بالتقاليد الأخلاقية الصارمة، أدت هذه المذكرات إلى تدمير سمعتها عن غير قصد لما يقرب من قرن من الزمان. فقد أصبحت مثالاً تحذيريًا بدلًا من رمز للتنوير. ومع ذلك، ومع بزوغ فجر الحركة النسوية في مطلع القرن العشرين وتجدد الاهتمام بقضايا المرأة، بدأت دعوات ولستونكرافت للمساواة بين الجنسين وانتقاداتها الحادة للأنوثة التقليدية تكتسب أهمية متزايدة. لقد أُعيد تقييم أعمالها وحياتها، لتُعتبر اليوم مرشدة وملهمة للفكر النسوي المعاصر، ومثالًا على الشجاعة الفكرية التي تتحدى قيود العصر.
الأسئلة المتكررة (FAQs)
- من هي ماري ولستونكرافت؟
- ماري ولستونكرافت هي كاتبة وفيلسوفة إنجليزية رائدة، عاشت في أواخر القرن الثامن عشر، وتُعد إحدى المؤسسات للفلسفة النسوية بفضل دفاعها القوي عن حقوق المرأة.
- ما هو أشهر أعمالها؟
- أشهر أعمالها هو كتاب "دفاعًا عن حقوق المرأة" (A Vindication of the Rights of Woman) الذي نُشر عام 1792، حيث دعت فيه إلى المساواة بين الجنسين من خلال التعليم.
- ما هي الأفكار الرئيسية التي دافعت عنها؟
- دافعت ولستونكرافت عن فكرة أن النساء لسن أدنى مرتبة من الرجال بشكل طبيعي، وأن افتقارهن للتعليم هو السبب الرئيسي لأي قصور ظاهري. كما طالبت بمعاملة كل من الرجال والنساء ككائنات عقلانية وبناء مجتمع على أساس العقل والإنصاف.
- كيف أثرت حياتها الشخصية على إرثها؟
- في البداية، أدت "مذكرات" أرملها التي كشفت عن أسلوب حياتها غير التقليدي إلى الإضرار بسمعتها بشدة لقرن من الزمان. ولكن، مع صعود الحركة النسوية في القرن العشرين، أُعيد تقييم حياتها وأعمالها، وأصبحت تُرى كرمز للشجاعة الفكرية والتحرر الشخصي، مما عزز مكانتها كشخصية مؤثرة.
- ما علاقتها بالكاتبة ماري شيلي؟
- ماري ولستونكرافت هي والدة ماري شيلي، مؤلفة رواية "فرانكنشتاين" الشهيرة. توفيت ولستونكرافت بعد أيام قليلة من ولادة ماري شيلي.
- لماذا تُعتبر ماري ولستونكرافت فيلسوفة نسوية مؤسسة؟
- تُعتبر كذلك لأنها كانت من أوائل من صاغوا حججًا فلسفية قوية ومنهجية لصالح حقوق المرأة ومساواتها، مستندة إلى مبادئ العقل والتنوير، في وقت لم تكن فيه هذه الأفكار مقبولة على نطاق واسع.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 