"شاراد بورنيما": ليلة البدر المتلألئة بالوفرة والبركات

يُعدّ "شاراد بورنيما" (Sharad Purnima) أحد أبهج وأروع احتفالات الحصاد الهندوسية، والذي يُقام في ليلة البدر الساطعة لشهر "آشوين" (Ashwin)، وهو الشهر السابع وفقًا للتقويم القمري الهندوسي. يتزامن هذا الشهر عادةً مع الفترة الممتدة من سبتمبر إلى أكتوبر في التقويم الميلادي الغريغوري، ويُعرف أيضًا بأسماء أخرى مثل "كوجاجيري بورنيما" (Kojagiri Purnima) أو "كومودي ماهوتساف" (Kaumudi Mahotsav)، أي "مهرجان نور القمر"، وهو اسم يعكس بدقة الأجواء الساحرة التي تكتنف هذا اليوم المبارك، حيث يتجلى البدر في أوج جماله ونقائه.

دلالات عميقة: الحصاد، الثروة، وقمر الرحمة

يتجاوز "شاراد بورنيما" كونه مجرد احتفال بالحصاد؛ فهو يمثل تعبيرًا عن الامتنان للوفرة التي يجلبها المحصول الجديد، وتوقًا لدوام الرخاء والازدهار. يشتهر هذا اليوم بالصيام والعبادة المتفانية للإلهة "لاكشمي" (Lakshmi)، الإلهة الهندوسية للثروة، الوفرة، والرخاء المادي والروحي. وفقًا للمعتقدات الهندوسية، تُعد هذه الليلة من أكثر الليالي قدسية على مدار العام، حيث يُعتقد أن الإلهة لاكشمي تجوب الأرض في هذه الليلة لتزور المنازل وتبارك المخلصين.

وتضيف الأساطير بُعدًا آخر لهذه الليلة، إذ يُعتقد أن أشعة البدر في ليلة "شاراد بورنيما" تحمل خصائص علاجية فريدة، بل ويقال إنها تسقط قطرات من "الأمريت" (Amrit)، وهو رحيق الخلود الإلهي. ولهذا السبب، يولي المؤمنون أهمية كبرى للاستحمام بنور القمر، ويحرصون على قضاء الوقت في الهواء الطلق تحت ضوئه المتلألئ، مستشعرين طاقته الإيجابية والمباركة التي يعتقد أنها تجلب الصحة والازدهار.

الطقوس والعادات: من الصيام إلى "الكير" تحت البدر

تتنوع الطقوس المتبعة في "شاراد بورنيما" لكنها غالبًا ما ترتكز على الصوم والعبادة. يصوم العديد من المصلين صيامًا كاملًا خلال النهار، ولا يفطرون إلا بعد بزوغ القمر ورؤيته بوضوح. يتم بعد ذلك أداء "بوجا" (Puja) خاصة للإلهة لاكشمي، والتي تتضمن تقديم الصلوات، التراتيل المقدسة، وتقديم القرابين التي تشمل الفواكه الطازجة، الحلويات، والزهور.

من أبرز وأجمل العادات المرتبطة بهذا المهرجان هي تحضير حلوى "الكير" (Kheer)، وهي نوع من بودينغ الأرز بالحليب الحلو الغني بالنكهات. بعد تحضيرها، تُترك "الكير" في أوانٍ مكشوفة تحت ضوء القمر طوال الليل، اعتقادًا بأنها ستمتص "الأمريت" أو الرحيق الإلهي من أشعة القمر المباركة. وفي صباح اليوم التالي، تُستهلك هذه الحلوى كـ "براساد" (Prasad) أي طعام مبارك، وتُوزع على أفراد العائلة والأصدقاء لجلب الحظ السعيد والصحة.

تُعرف هذه الليلة أيضًا باسم "كوجاجيري بورنيما" المستوحى من العبارة السنسكريتية "كو جاغارتي؟" التي تعني "من المستيقظ؟". يعكس هذا الاسم الاعتقاد بأن الإلهة لاكشمي تتجول وتسأل هذا السؤال، وتمنح بركاتها لأولئك الذين يظلون مستيقظين ومستعدين لعبادتها. لذا، يختار الكثيرون البقاء مستيقظين طوال الليل، منخرطين في الأغاني الدينية، الألعاب، أو تبادل القصص والصلوات، مما يخلق جوًا من الترقب والبهجة الروحية.

خلاصة: مهرجان الوفرة والامتنان

في جوهرها، "شاراد بورنيما" هي احتفال بالوفرة والامتنان للعطايا الإلهية. إنها دعوة للتفكير في الرخاء الذي نملكه، والسعي لتحقيق المزيد من الازدهار على جميع المستويات، الروحي والمادي، تحت بركة البدر الكامل الذي يرمز إلى الكمال والنور. إنه وقت تتلاقى فيه الطبيعة مع الروحانية، لتعزف سيمفونية من الأمل والتجديد.

أسئلة متكررة حول شاراد بورنيما

ما هو شاراد بورنيما؟

هو حفل حصاد هندوسي مبارك يُقام في ليلة البدر لشهر آشوين (سبتمبر-أكتوبر)، يُعرف بكونه ليلة عبادة الإلهة لاكشمي، إلهة الثروة والوفرة.

لماذا يُحتفل بشاراد بورنيما؟

يُحتفل به تعبيرًا عن الامتنان للمحاصيل الوفيرة، ولطلب البركات من الإلهة لاكشمي لتحقيق الرخاء المادي والروحي، ويُعتقد أن القمر في هذه الليلة يحمل خصائص مباركة.

ما هي أهم الطقوس المرتبطة بشاراد بورنيما؟

تشمل الطقوس الصيام، عبادة الإلهة لاكشمي، تحضير حلوى "الكير" وتركها تحت ضوء القمر لامتصاص بركاته، والبقاء مستيقظين طوال الليل (تقليد كوجاجيري).

ماذا تعني "كوجاجيري بورنيما"؟

"كوجاجيري بورنيما" هو اسم آخر لشاراد بورنيما، ويعني "من المستيقظ؟"، في إشارة إلى الاعتقاد بأن الإلهة لاكشمي تزور المنازل وتسأل هذا السؤال، مباركةً من يجدهم مستيقظين ومخلصين.

ما هو دور حلوى الكير في شاراد بورنيما؟

تُعد "الكير" (بودينغ الأرز بالحليب) حلوى رئيسية تُحضّر وتُترك تحت البدر طوال الليل لامتصاص رحيق القمر المبارك، ثم تُستهلك كـ "براساد" (طعام مقدس) في الصباح لجلب الحظ والبركات.