صموئيل جونسون ، شاعر إنجليزي ومعجم (مواليد 1709)
صامويل جونسون (18 سبتمبر 1709 [النمط القديم: 7 سبتمبر] – 13 ديسمبر 1784)، الذي يُعرف غالباً بلقب الدكتور جونسون، لم يكن مجرد كاتب إنجليزي؛ بل كان قامة أدبية غيرت مجرى اللغة الإنجليزية والفكر النقدي في عصره. لقد ترك بصمة خالدة من خلال مساهماته المتعددة الأوجه كشاعر وكاتب مسرحي، وكاتب مقالات، ومفكر أخلاقي، وناقد أدبي، وكاتب سيرة، ومحرر، وعالم لغة ومعجمي. التزامه الديني بصفته أنجليكانياً متديناً ومحافظاً راسخاً كان يشكل جزءاً لا يتجزأ من شخصيته وعمله. يصفه قاموس أكسفورد للسيرة الوطنية بحق بأنه "رجل الأدب الأكثر تميزاً في تاريخ اللغة الإنجليزية"، وهو وصف يكاد لا يفي حقه. كما أن سيرة حياته التي ألفها صديقه جيمس بوسويل، بعنوان "حياة صامويل جونسون"، نالت إشادة واسعة النطاق من قبل والتر جاكسون بايت، الذي اعتبرها "أشهر عمل منفرد لفن السيرة الذاتية في كل الأدب"، مما يؤكد مكانته الأيقونية.
النشأة والسنوات التكوينية
وُلد صامويل جونسون في الثامن عشر من سبتمبر عام 1709 في مدينة ليتشفيلد بمقاطعة ستافوردشاير بإنجلترا. تجدر الإشارة إلى أن تاريخ ميلاده وفق التقويم القديم (OS) كان السابع من سبتمبر، وذلك قبل تبني بريطانيا للتقويم الغريغوري الحديث. التحق جونسون بكلية بيمبروك بجامعة أكسفورد العريقة، والتي تعد آنذاك صرحاً للتعليم والفكر، لكن ظروفه المادية الصعبة ونقص الأموال حال دون إكماله لدراسته، مما اضطره للمغادرة قبل التخرج. هذه التجربة المبكرة من الصراع شكلت جزءاً من شخصيته العصامية. بعد فترة عمل فيها كمدرس، قرر جونسون الانتقال إلى لندن، عاصمة الثقافة والأدب النابضة بالحياة آنذاك، ليبدأ مسيرته المهنية في عالم الكتابة، حيث انضم إلى فريق التحرير والكتابة لمجلة جنتلمان، إحدى أبرز المجلات الأدبية في تلك الحقبة. من أعماله المبكرة التي لاقت صدى حينها "حياة السيد ريتشارد سافاج"، وقصيدتاه الشهيرتان "لندن" و"غرور الرغبات البشرية"، بالإضافة إلى مسرحيته التراجيدية "إيرين".
القاموس الجونسوني: إنجاز لا يُضاهى
يمثل إنجاز جونسون الأعظم والذي خلد اسمه في تاريخ اللغة الإنجليزية هو "قاموس جونسون للغة الإنجليزية" (A Dictionary of the English Language) الذي صدر عام 1755. لم يكن هذا القاموس مجرد عمل لغوي، بل كان مشروعاً ضخماً استغرق تسع سنوات من الجهد المتواصل والدأب الشديد من رجل واحد، في عصر لم تكن فيه الأدوات المرجعية متاحة بسهولة كما هي اليوم. كان له تأثيرات بعيدة المدى على اللغة الإنجليزية الحديثة، حيث ساهم في توحيد الإملاء والمعنى والاستخدام، مما أرسى دعائم متينة لتطور اللغة. وقد اشتهر هذا العمل بأنه "أحد أعظم الإنجازات الفردية للمنح الدراسية" على الإطلاق. لقد ظل قاموس جونسون هو المرجع اللغوي الأبرز والأكثر سلطة في العالم الناطق بالإنجليزية لمدة 150 عاماً تقريباً، ولم يتفوق عليه إلا عند ظهور "قاموس أكسفورد الإنجليزي" الضخم بعد قرن ونصف من الزمان، مما يؤكد على عمق تأثيره ومدى براعته.
قلم غزير الإنتاج: أعمال جونسون الأدبية الأخرى
إلى جانب إنجازه المعجمي الضخم، لم تتوقف مسيرة جونسون الأدبية عن العطاء. فقد شملت أعماله اللاحقة مجموعة متنوعة من المقالات التي عكست فكره النقدي والأخلاقي، بالإضافة إلى طبعة مشروحة ومفصلة من "مسرحيات ويليام شكسبير"، قدم فيها جونسون تحليلات نقدية عميقة أسست لمناهج جديدة في دراسة أعمال الشاعر الخالد. كما أثرى المكتبة الإنجليزية بروايته الفلسفية "تاريخ راسلاس، أمير أبيسينيا" (The History of Rasselas, Prince of Abissinia)، وهي قصة تتناول البحث عن السعادة وتطرح تساؤلات وجودية عميقة. وفي أواخر حياته، أبدع جونسون تحفته الضخمة والمؤثرة "حياة أبرز الشعراء الإنجليز في القرنين السابع عشر والثامن عشر" (Lives of the Most Eminent English Poets)، وهي مجموعة من السير الذاتية النقدية التي لا تزال تعد مرجعاً أساسياً لفهم الأدب الإنجليزي لتلك الحقبة.
الرجل وراء الأعمال: شخصيته وعلاقاته
كانت شخصية صامويل جونسون آسرة بقدر ما كانت معقدة. ففي عام 1763، بدأت صداقة عميقة ومثمرة تجمعه بالكاتب الأسكتلندي الشاب جيمس بوسويل، الذي أصبح فيما بعد سيرته الذاتية الأكثر شهرة. هذه الصداقة لم تكن مجرد علاقة شخصية، بل كانت أساساً لتوثيق حياة جونسون بتفاصيل لم يسبق لها مثيل. سافر جونسون وبوسويل معاً في رحلة شهيرة إلى اسكتلندا، وخاصة إلى جزرها الغربية النائية، وقد وصف جونسون هذه التجربة الفريدة في كتابه "رحلة إلى الجزر الغربية في اسكتلندا" (A Journey to the Western Islands of Scotland)، مقدماً ملاحظات ثاقبة حول الثقافة والمجتمع الاسكتلندي آنذاك. كان جونسون معروفاً بذكائه الحاد، وفكاهته الساخرة، ومناقشاته الفكرية الملهمة، لكنه كان أيضاً رجلاً يتمتع بإيمان ديني راسخ وقناعات سياسية محافظة أثرت في مجمل كتاباته ومنظوره للعالم.
السمات الجسدية والصحة
كان صامويل جونسون رجلاً طويل القامة وقوي البنية، لكن مظهره كان مميزاً ببعض السمات الغريبة. فقد أظهر حركات وإيماءات وتشنجات لا إرادية كانت تزعج البعض ممن يقابلونه لأول مرة، مما جعله شخصية فريدة في الأوساط الاجتماعية. لقد وثقت سيرة بوسويل، جنباً إلى جنب مع سير ذاتية ومذكرات أخرى، سلوك جونسون وشخصياته بتفاصيل دقيقة للغاية، لدرجة أنها مكنت من تشخيص متلازمة توريت بعد وفاته، وهي حالة عصبية لم تكن محددة أو مشخصة في القرن الثامن عشر. هذا التشخيص اللاحق يلقي الضوء على طبيعة بعض تصرفاته التي ربما بدت غريبة في عصره، ويضيف بعداً إنسانياً لفهم معاناته.
السنوات الأخيرة والإرث الدائم
بعد معاناته من عدة أمراض في سنواته الأخيرة، توفي صامويل جونسون مساء يوم الثالث عشر من ديسمبر عام 1784. دُفن في دير وستمنستر، وهو مكان مخصص لأبرز الشخصيات في تاريخ بريطانيا، مما يعكس مدى التقدير والاحترام الذي ناله. بعد وفاته، ازدادت النظرة إلى جونسون كقوة أدبية كان لها تأثير دائم وعميق على النقد الأدبي الإنجليزي، حتى ادعى البعض أنه أحد أعظم نقاد الأدب الإنجليزي على الإطلاق. إرثه يتجاوز أعماله المنفردة؛ فمن خلال قاموسه، ومقالاته النقدية، وسيره الذاتية، وشخصيته الفريدة، أسس جونسون معايير جديدة للغة والأدب، وما زال صوته يتردد صداه في الدراسات الأدبية حتى يومنا هذا، كمرجع لا غنى عنه لفهم عصر التنوير الإنجليزي ولغة شكسبير وما بعدها.
الأسئلة المتكررة (FAQs)
- من هو صامويل جونسون؟
- صامويل جونسون، المعروف بالدكتور جونسون، كان كاتباً إنجليزياً موسوعياً وشخصية أدبية بارزة في القرن الثامن عشر. يُعرف بكونه شاعراً، وكاتب مقالات، وناقداً، وكاتب سيرة، ومحرراً، ومعجمياً.
- ما هو أشهر عمل لجونسون؟
- أشهر أعماله هو "قاموس اللغة الإنجليزية" (A Dictionary of the English Language) الذي نُشر عام 1755، والذي كان له تأثير هائل على توحيد اللغة الإنجليزية وتطورها.
- لماذا يُعرف باسم "الدكتور جونسون"؟
- على الرغم من أنه لم يكمل دراسته الجامعية، إلا أن جامعتي أكسفورد ودبلن منحتاه شهادات دكتوراه فخرية في القانون، تقديراً لمساهماته الأدبية والعلمية الجليلة، ومن هنا جاء لقبه.
- ما هي متلازمة توريت وعلاقتها بجونسون؟
- متلازمة توريت هي حالة عصبية تتميز بحركات وتشنجات لا إرادية. تم تشخيص جونسون بها بعد وفاته، بناءً على الأوصاف المفصلة لسلوكه وحركاته التي وردت في سيرته الذاتية ومذكرات معاصريه، على الرغم من أن المتلازمة لم تكن معروفة في عصره.
- ما أهمية سيرة جيمس بوسويل عن جونسون؟
- تُعتبر سيرة جيمس بوسويل، "حياة صامويل جونسون"، من الأعمال الرائدة في فن السيرة الذاتية، حيث قدمت صورة حية ومفصلة وشاملة لشخصية جونسون وحياته اليومية ومحادثاته وفكره، مما يجعلها مصدراً لا يقدر بثمن لفهم الرجل وعصره.
- ما هو إرث صامويل جونسون الدائم؟
- يمتد إرث جونسون إلى توحيد اللغة الإنجليزية من خلال قاموسه، وتأثيره العميق على النقد الأدبي، ومساهماته في الأدب من خلال قصائده ومقالاته وسيره الذاتية. إنه يُعتبر أحد أعظم رجال الأدب في تاريخ اللغة الإنجليزية.