هيدلي فيريتي: أسطورة الكريكيت وبطل الحرب
يُعد هيدلي فيريتي (18 مايو 1905 - 31 يوليو 1943) أحد أبرز لاعبي الكريكيت الإنجليز في فترة ما بين الحربين العالميتين، وشخصية جسدت الروح الرياضية والتضحية الوطنية. لاعب بولينج بطيء بالذراع اليسرى استثنائي، مثّل مقاطعة يوركشاير العريقة ومنتخب إنجلترا الوطني على مدار عقد كامل، من عام 1930 حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939. لم يكن فيريتي مجرد نجم في الملاعب، بل كان أيضًا جنديًا شجاعًا دفع الثمن الأقصى في خدمة بلاده.
خلال مسيرته المهنية الحافلة، ترك بصمة لا تُمحى في سجلات اللعبة، حيث استطاع الحصول على 1956 ويكيت في مباريات الكريكيت من الدرجة الأولى بمعدل مذهل بلغ 14.90 نقطة لكل ويكيت، بالإضافة إلى 144 ويكيت في 40 مباراة اختبار دولية بمتوسط 24.37. اعتُرف ببراعته مبكرًا، حيث تم تكريمه كأحد لاعبي الكريكيت المميزين في مجلة ويزدن لعام 1932، وما زال يُنظر إليه على أنه واحد من أعظم لاعبي البولينج البطيء بالذراع اليسرى الذين زينوا ملاعب الكريكيت.
من ليدز إلى قلب يوركشاير
ولد فيريتي في مدينة ليدز بمقاطعة يوركشاير، ونشأ وهو يحمل حلمًا واحدًا يشتعل في داخله: اللعب لفريق مقاطعته، يوركشاير، الذي يُعد قلعة الكريكيت الإنجليزية. بعد أن بنى سمعة قوية لنفسه في دوريات الكريكيت المحلية، وقع عقدًا كلاعب كريكيت محترف مع أحد أندية دوري لانكشاير المرموق. لم يكن موسمه الأول في الدوري يحمل النجاح المرجو، لكنه سرعان ما استعاد بريقه بعد انتقاله إلى أندية أخرى، ليبدأ في نحت اسمه كقوة صاعدة في عالم البولينج.
في بداياته، كان فيريتي لاعب بولينج متوسط السرعة، لكنه اتخذ قرارًا محوريًا بتحويل أسلوبه إلى البولينج البطيء بحثًا عن فرصة لتأمين مكان دائم في تشكيلة يوركشاير القوية. وقد أتت هذه الخطوة ثمارها عندما أعلن الأسطورة ويلفريد رودس، وهو لاعب بولينج أيسر آخر من يوركشاير، اعتزاله اللعب، مما فتح الباب أمام فيريتي لتحقيق طموحه. في عام 1930، خاض فيريتي تجربة ناجحة مع الفريق، وسرعان ما تصدر متوسطات البولينج على المستوى الوطني، معلنًا عن وصول نجم جديد.
براعته في البولينج ودقة الأداء
على عكس العديد من لاعبي البولينج البطيئين الذين يعتمدون على الدوران الحاد للكرة، لم يكن فيريتي من النوع الذي يدور الكرة بقوة استثنائية. بدلًا من ذلك، اعتمد نجاحه بشكل أساسي على الدقة المتناهية والتحكم المذهل في مسار الكرة، مما جعله خصمًا لا يُقهر على العديد من الملاعب. في الظروف التي كانت تجعل مهمة الضرب صعبة، خاصة تلك التي تتأثر بالأمطار وتُصبح فيها الملاعب لزجة وثقيلة، كان ضرب كرات فيريتي أمرًا شبه مستحيل، حيث يُسيطر على مجريات اللعب ببراعة فائقة.
في عام 1931، وهو موسمه الأول الكامل مع يوركشاير، حقق إنجازًا نادرًا للغاية يتمثل في أخذ جميع الويكيتات العشرة في أدوار واحدة ضد فريق وارويكشاير، وهو إنجاز يُعرف باسم "الويكيتات العشرة" ويُعد قمة الإتقان في البولينج. ولم يكتفِ بذلك، ففي العام التالي، عاد ليُكرر هذا الإنجاز الخارق مرة أخرى ضد نوتنغهامشير، لكن هذه المرة بمعادلة فريدة من نوعها: فقد أخذ جميع الويكيتات العشرة بينما لم تتلقَ شباكه سوى 10 نقاط فقط! لا تزال هذه الأرقام القياسية في البولينج تُعد إنجازًا تاريخيًا في لعبة الكريكيت من الدرجة الأولى، حيث تُسجل كأقل عدد من النقاط التي تم التنازل عنها أثناء أخذ جميع الويكيتات العشرة في الأدوار.
سرعان ما رسخ فيريتي مكانته كجزء لا يتجزأ من وحدة البولينج القوية في يوركشاير، والتي لعبت دورًا محوريًا في فوز النادي ببطولة المقاطعة سبع مرات خلال مواسمه العشرة مع الفريق. خلال تلك الفترة الذهبية، لم ينخفض ترتيب فيريتي أبدًا عن المركز الخامس في متوسطات البولينج، وكان يحصد أكثر من 150 ويكيت في كل عام تقريبًا، باستثناء موسمه الأول.
تمثيل إنجلترا وتحديات اللعب الدولي
في عام 1931، جاءت اللحظة التي طال انتظارها عندما تم اختياره لتمثيل منتخب إنجلترا للمرة الأولى، ولم يمضِ وقت طويل حتى برز نجمه بوضوح خلال جولة الفريق في أستراليا بين عامي 1932 و 1933، وهي الجولة التي شهدت منافسات حادة ومثيرة. بعد ذلك، أصبح فيريتي لاعبًا أساسيًا ومنتظمًا في تشكيلة إنجلترا، وبلغ ذروة أدائه في مسيرته الدولية عندما حصل على 15 ويكيت ضد أستراليا في مباراة تجريبية استضافها ملعب لوردز التاريخي في عام 1934، في عرض لا يُنسى لمهاراته الفذة.
على الرغم من تألقه، واجه فيريتي بعض الانتقادات من النقاد الذين زعموا أنه قد يكون أقل فعالية على الملاعب الجيدة للضرب، مما أدى أحيانًا إلى استبعاده من فريق إنجلترا في السنوات اللاحقة. ومع ذلك، يمتلك فيريتي أحد أفضل السجلات على الإطلاق ضد الأسطورة دونالد برادمان، الذي يُعتبر عمومًا أعظم رجل مضرب في تاريخ لعبة الكريكيت. كان هذا الإنجاز بمثابة شهادة على قدرته الفريدة على تحدي كبار اللاعبين حتى في أصعب الظروف. استمر فيريتي في إمتاع الجماهير بمهاراته مع يوركشاير وإنجلترا حتى عام 1939، عندما وضع اندلاع الحرب العالمية الثانية حدًا لمسيرته الكروية المشرقة.
مسيرة توقفت وحياة ضُحّي بها
مع حلول عام 1939 وإعلان الحرب العالمية الثانية، لم يتردد هيدلي فيريتي لحظة واحدة في تلبية نداء الواجب الوطني. انضم إلى فوج "غرين هاواردز" العريق، وبعد فترة تدريب مكثفة، تم إرساله للخدمة في الخارج، حيث تنقل بين الهند وبلاد فارس (إيران حاليًا) ومصر، مظهرًا شجاعة وتفانيًا كبيرين في خدمة بلاده، ووصل إلى رتبة نقيب.
في عام 1943، خلال غزو الحلفاء لجزيرة صقلية الإيطالية، وهي واحدة من أخطر العمليات العسكرية في تلك الحرب، أصيب الكابتن فيريتي بجروح بالغة في ميدان المعركة. سقط أسيرًا في أيدي القوات الألمانية، ثم نُقل إلى البر الإيطالي. للأسف، لم ينجُ من إصاباته الخطيرة، وتوفي في مدينة كاسيرتا بإيطاليا متأثرًا بجراحه في 31 يوليو 1943. دُفن هيدلي فيريتي هناك، لتبقى ذكراه خالدة كرياضي عظيم وجندي شجاع ضحى بحياته من أجل وطنه، تاركًا إرثًا من العزيمة والتفاني يتجاوز حدود الملاعب إلى صفحات التاريخ العسكري.
أسئلة شائعة حول هيدلي فيريتي
- من هو هيدلي فيريتي؟
- هو لاعب كريكيت إنجليزي محترف لعب ليوركشاير ومنتخب إنجلترا بين عامي 1930 و1939. اشتهر كلاعب بولينج بطيء بالذراع اليسرى، ويُعتبر أحد أعظم لاعبي البولينج في تاريخ اللعبة. انتهت مسيرته الكروية بسبب الحرب العالمية الثانية، وتوفي في إيطاليا أثناء خدمته العسكرية عام 1943.
- ما هي أهم إنجازاته في الكريكيت؟
- من أبرز إنجازاته أخذ جميع الويكيتات العشرة في أدوار واحدة مرتين في مباريات الدرجة الأولى، حيث حقق مرة واحدة رقمًا قياسيًا بأخذ جميع الويكيتات العشرة مقابل 10 نقاط فقط. كما كان جزءًا أساسيًا من فريق يوركشاير الذي فاز ببطولة المقاطعة سبع مرات، وله سجل مميز ضد دونالد برادمان، أعظم رجل مضرب في تاريخ الكريكيت.
- بماذا اشتهر أسلوب لعبه في البولينج؟
- اشتهر فيريتي بدقته المتناهية والتحكم الرائع في الكرة أكثر من اعتماده على الدوران الحاد. كانت كراته شبه مستحيلة على الملاعب الصعبة، خاصة تلك المتأثرة بالمطر، حيث كان يستخدم دقة رمياته لإحداث الفارق.
- كيف انتهت مسيرة هيدلي فيريتي الكروية؟
- انتهت مسيرته الكروية فجأة في عام 1939 مع اندلاع الحرب العالمية الثانية. بعد ذلك، انضم إلى الجيش البريطاني كجندي، وهو ما أدى في النهاية إلى وفاته.
- ما هو الرقم القياسي الذي يحمله فيريتي في البولينج؟
- يحمل الرقم القياسي لأقل عدد من النقاط التي تم التنازل عنها (10 نقاط) أثناء أخذ جميع الويكيتات العشرة في أدوار واحدة من مباراة كريكيت من الدرجة الأولى، وهو إنجاز حققه ضد نوتنغهامشير عام 1932.
- ما هي العلاقة بينه وبين دونالد برادمان؟
- يُعرف فيريتي بأنه يمتلك أحد أفضل السجلات ضد دونالد برادمان، الذي يُعد أعظم رجل مضرب في تاريخ الكريكيت. استطاع فيريتي إحكام السيطرة على برادمان وإخراجه من اللعب في مناسبات متعددة، وهو ما يُعد إنجازًا نادرًا ومذهلاً.
- أين توفي هيدلي فيريتي؟
- توفي هيدلي فيريتي في كاسيرتا بإيطاليا بتاريخ 31 يوليو 1943، متأثرًا بجروح أصيب بها أثناء القتال في غزو الحلفاء لصقلية خلال الحرب العالمية الثانية، بعد أن تم أسره من قبل القوات الألمانية.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 