تُعد جمهورية هاواي فصلاً بالغ الأهمية وإن كان قصيراً في تاريخ أرخبيل هاواي الغني، حيث شكلت فترة انتقالية حرجة بين حكم ملكي عريق وضمها لاحقاً لتصبح جزءاً من الولايات المتحدة الأمريكية. لم تكن هذه الجمهورية مجرد كيان سياسي عابر، بل كانت تتويجاً لسلسلة من الأحداث المعقدة التي غيرت وجه الجزر إلى الأبد.
خلفية الإطاحة بالمملكة
قبل تأسيس الجمهورية، كانت هاواي مملكة ذات سيادة، يحكمها ملوك وملكات من سلالة كاميهاميها العريقة. في عام 1887، شهدت المملكة حدثاً محورياً تمثل في فرض "دستور الحربة" على الملك كالواكا. هذا الدستور، الذي أُجبر الملك على توقيعه تحت تهديد السلاح، قلص بشكل كبير من صلاحيات النظام الملكي ونزع حقوق التصويت من العديد من سكان هاواي الأصليين، بينما منح نفوذاً أكبر للمواطنين الأجانب، خاصة ذوي الأصول الأمريكية والأوروبية، والذين كان لهم مصالح اقتصادية وسياسية متنامية في الجزر.
بلغ التوتر ذروته في عام 1893، عندما سعت الملكة ليليوكالاني، آخر حكام هاواي، إلى استعادة سيادة شعبها وإصدار دستور جديد يلغي دستور الحربة ويعيد السلطة إلى النظام الملكي والسكان الأصليين. لكن هذه الخطوة قوبلت بمقاومة شديدة من قبل "لجنة السلامة العامة"، وهي مجموعة تتألف أساساً من رجال أعمال وملاك مزارع أمريكيين وأوروبيين، بدعم من قوات مشاة البحرية الأمريكية التي نزلت من السفينة الحربية "يو إس إس بوسطن" في ميناء هونولولو. أدت هذه الأحداث إلى الإطاحة غير الدموية بالملكة ليليوكالاني في 17 يناير 1893، وتشكيل حكومة هاواي المؤقتة.
تأسيس الجمهورية ونهايتها
بعد الإطاحة بالملكية، أعلنت لجنة السلامة العامة عن تشكيل حكومة هاواي المؤقتة، وكان هدفها الصريح هو ضم هاواي إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم تكن الأمور تسير بالسرعة المرجوة، حيث عارض الرئيس الأمريكي آنذاك، جروفر كليفلاند، وهو ديمقراطي معروف بموقفه المناهض للإمبريالية، عملية الضم. اعتبر كليفلاند أن الإطاحة كانت عملاً غير قانوني وحاول جاهداً إعادة الملكة ليليوكالاني إلى عرشها، لكن هذه الجهود باءت بالفشل.
في مواجهة رفض واشنطن لضم سريع، قرر قادة الحكومة المؤقتة المضي قدماً في تأسيس كيان سياسي مستقل مؤقت. وهكذا، في 4 يوليو 1894، تم إعلان جمهورية هاواي رسمياً، لتحل محل الحكومة المؤقتة. كانت هذه الجمهورية، التي اتسمت بكونها دولة قصيرة العمر ذات حزب واحد، تهدف في المقام الأول إلى تهيئة الظروف لضمها المستقبلي للولايات المتحدة. أُعد دستور جديد للجمهورية، يعكس تطلعات قادتها نحو الاندماج مع الولايات المتحدة.
استمرت جمهورية هاواي لمدة أربع سنوات فقط، حتى 12 أغسطس 1898، عندما تحقق الهدف الذي سعت إليه منذ البداية. خلال فترة رئاسة الرئيس الجمهوري ويليام ماكينلي، الذي كان أكثر تأييداً للتوسع الإمبريالي، وفي خضم الحرب الإسبانية الأمريكية، قامت الولايات المتحدة بضم هاواي كمنطقة مدمجة تابعة لها. كان هذا الضم بمثابة نهاية لجمهورية هاواي وبداية فصل جديد في تاريخ الجزر كجزء لا يتجزأ من الأراضي الأمريكية. في 14 يونيو 1900، تم إنشاء إقليم هاواي رسمياً، ليصبح خطوة حاسمة نحو تحول هاواي إلى ولاية أمريكية لاحقاً.
الشخصيات الرئيسية والدوافع وراء الضم
كان قادة جمهورية هاواي، أمثال سانفورد بي. دول ولورين إيه. ثورستون، شخصيات محورية في هذه المرحلة الانتقالية. على الرغم من أنهم ولدوا في هاواي وتحدثوا اللغة المحلية، إلا أنهم كانوا ينحدرون من سلالات المستوطنين الأمريكيين الأوائل في الجزر، وكانت لديهم روابط مالية وسياسية وعائلية قوية مع الولايات المتحدة. كان هدفهم الأسمى هو تحويل الجمهورية إلى إقليم تابع للولايات المتحدة.
سانفورد بالارد دول: مهندس الجمهورية ورئيسها
سانفورد بالارد دول (1844-1926) كان محامياً وقانونياً بارزاً عاش فترات مختلفة من تاريخ هاواي: كمملكة، ومحمية، وجمهورية، ثم إقليماً. ينحدر دول من عائلة تبشيرية أمريكية رائدة استقرت في هاواي، وقد كان مدافعاً قوياً عن تغريب حكومة وثقافة هاواي، معتقداً أن ذلك سيجلب التقدم للجزر. شغل دول منصب عضو سابق في الهيئة التشريعية الملكية عن كولوا وكواي، وقاضياً في المحكمة العليا للمملكة، مما منحه خبرة قانونية وسياسية واسعة. بعد الإطاحة بالملكية، أصبح دول رئيساً للحكومة المؤقتة ثم أول وأوحد رئيس لجمهورية هاواي، وقادها بنجاح حتى تحقيق هدفها النهائي في الانضمام إلى الولايات المتحدة.
لورين إيه. ثورستون: مهندس الانقلاب والضغط من أجل الضم
أما لورين إيه. ثورستون، فقد كان شخصية لا تقل أهمية، حيث يُعتبر أحد أبرز مهندسي الإطاحة بالملكية. شغل ثورستون منصب وزير الداخلية في عهد الملك كالواكا، لكنه تحول لاحقاً إلى أحد قادة لجنة السلامة العامة. كان له دور فعال في قيادة جهود الضغط والمفاوضات في واشنطن العاصمة، سعياً لتأمين ضم هاواي من قبل الولايات المتحدة، مستفيداً من علاقاته ونفوذه لإقناع الكونغرس والإدارة الأمريكية بضرورة هذه الخطوة.
تقرير بلونت: كشف الدور الأمريكي في الإطاحة
تُعد الأحداث المحيطة بالإطاحة بالملكية وتأسيس الجمهورية نقطة خلاف تاريخية مهمة، خصوصاً فيما يتعلق بمدى تورط الولايات المتحدة. في عام 1893، أرسل الرئيس جروفر كليفلاند مفوضاً خاصاً، جيمس إتش. بلونت، للتحقيق في ظروف الإطاحة. قدم "تقرير بلونت" أدلة قوية "حددت رسمياً تواطؤ الولايات المتحدة في الإطاحة غير القانونية بحكومة هاواي الشرعية والسلمية".
أشار التقرير إلى أن المسؤولين الأمريكيين، وتحديداً وزير الولايات المتحدة في هاواي آنذاك، جون إل. ستيفنز، قد اعترفوا على الفور بالحكومة الجديدة وقاموا بإرسال مشاة البحرية الأمريكية، ظاهرياً لحماية المصالح الأمريكية، ولكن في الواقع، ساهم وجودهم في دعم القائمين بالثورة. اتهم أنصار الملكة وجود مشاة البحرية بتخويف الملكة ليليوكالاني وبالتالي تمكين الثورة من النجاح. وخلص بلونت إلى أن الولايات المتحدة قد نفذت "أنشطة حزبية غير مصرح بها"، بما في ذلك إنزال مشاة البحرية الأمريكية بذريعة زائفة أو مبالغ فيها، لدعم المتآمرين المناهضين للملكية. وأكد التقرير أن هذه الإجراءات كانت حاسمة في نجاح الثورة، وأن الثورة نفسها تمت ضد رغبات غالبية سكان هاواي الأصليين. على الرغم من استنتاجات التقرير، لم يتمكن الرئيس كليفلاند من عكس مسار الأحداث أو إعادة الملكية.
الأسئلة الشائعة حول جمهورية هاواي
- متى تأسست جمهورية هاواي ومتى انتهت؟
- تأسست جمهورية هاواي في 4 يوليو 1894، وانتهت في 12 أغسطس 1898 عندما تم ضمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية كمنطقة تابعة.
- لماذا تم الإطاحة بالملكة ليليوكالاني؟
- تمت الإطاحة بالملكة ليليوكالاني في عام 1893 من قبل "لجنة السلامة العامة"، وهي مجموعة تتألف بشكل رئيسي من رجال أعمال وملاك أراضي أمريكيين وأوروبيين، بعد أن حاولت الملكة إلغاء "دستور الحربة" لعام 1887، الذي قلص صلاحيات الملكية ومنح نفوذاً أكبر للمصالح الأجنبية.
- ما هو دور الولايات المتحدة في الإطاحة؟
- أشار "تقرير بلونت" إلى تواطؤ الولايات المتحدة في الإطاحة غير القانونية بحكومة هاواي الشرعية. تم إنزال مشاة البحرية الأمريكية من سفينة "يو إس إس بوسطن" في ميناء هونولولو، وخلص التقرير إلى أن وجودهم دعم المتآمرين وساهم في نجاح الثورة ضد رغبات غالبية سكان هاواي.
- من كان أول (وأوحد) رئيس لجمهورية هاواي؟
- كان سانفورد بالارد دول هو الرئيس الوحيد لجمهورية هاواي. وقد قاد الحكومة المؤقتة ثم الجمهورية حتى ضم هاواي إلى الولايات المتحدة.
- لماذا رفض الرئيس كليفلاند ضم هاواي في البداية؟
- عارض الرئيس جروفر كليفلاند، وهو ديمقراطي معروف بمواقفه المناهضة للإمبريالية، ضم هاواي لأنه اعتبر الإطاحة بالملكية عملاً غير قانوني ومخالفاً للمبادئ الأمريكية. حاول إعادة الملكة ليليوكالاني إلى السلطة، لكنه لم ينجح في ذلك.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 