في الرابع من نوفمبر عام 1956، وُلد يوجين بول جيتي الثاني، الذي عُرف لاحقًا باسم جون بول جيتي الثالث، إلى عائلة كان اسمها مرادفًا للثروة الهائلة والنفوذ العالمي. كان حفيد قطب النفط الأمريكي الشهير، جيه بول جيتي، الرجل الذي اعتُبر في فترة من الفترات أغنى رجل في العالم، والذي بنى إمبراطورية نفطية لا مثيل لها. لكن على الرغم من هذا الإرث المذهل، لم تكن حياة جون بول جيتي الثالث خالية من المآسي، بل كانت سلسلة من الأحداث المروعة التي تركت بصماتها العميقة عليه.
عملية الاختطاف المروعة
كان عام 1973 هو العام الذي شهد تحولًا جذريًا في مسار حياة جيتي الشاب. ففي صيف ذلك العام، بينما كان يقيم في روما، إيطاليا، اختُطف جون بول جيتي الثالث على يد منظمة ندرانجيتا، وهي إحدى أقوى وأخطر عصابات الجريمة المنظمة في إيطاليا، والمعروفة بوحشيتها وقدرتها على تنفيذ عمليات معقدة. كانت المطالب واضحة وصادمة: فدية قدرها 17 مليون دولار مقابل إطلاق سراحه. كان الشاب آنذاك في السادسة عشرة من عمره، وكان اختطافه يمثل صدمة للعالم أجمع، مسلطًا الضوء على هشاشة الحياة حتى لأفراد العائلات الأكثر ثراءً.
جدل الفدية والقرار الصعب
لم يكن دفع الفدية أمرًا مباشرًا كما قد يتوقع البعض من عائلة بهذه الثروة. كان جده، جيه بول جيتي، مترددًا بشكل ملحوظ في الاستجابة للمطالب. اشتهر جيه بول جيتي ببراعته في الأعمال التجارية وبخل شديد، حتى أنه كان يمتلك هاتفًا عموميًا في قصره لضيوفه. ويُعتقد أن تردده نابع من مبدأ راسخ لديه بعدم المساومة مع الإرهابيين أو المجرمين، خشية أن يشجع ذلك على اختطاف أفراد آخرين من عائلته في المستقبل. رفض جيه بول جيتي الأب دفع المبلغ الكامل، معلنًا أنه يملك 14 حفيدًا وأن دفع الفدية سيعرضهم جميعًا للخطر. هذا الموقف المتصلب أدى إلى مفاوضات مطولة ومضنية، فيما كان مصير جيتي الشاب يكتنفه الغموض.
تطورات مأساوية وإطلاق السراح
بعد أشهر من المفاوضات العسيرة، وتحديدًا في شهر نوفمبر من عام 1973، قرر الخاطفون تصعيد الأمور بطريقة وحشية. فقاموا بقطع أذن جون بول جيتي الثالث وإرسالها إلى إحدى الصحف الإيطالية، مصحوبة برسالة تهديد واضحة: إذا لم تدفع الفدية، سيعيدون الأجزاء المتبقية من جسده قطعة قطعة. هذا الفعل المروع هز الرأي العام وأحدث ضغطًا هائلاً على العائلة. في مواجهة هذه الوحشية، اضطر جده إلى إعادة النظر في موقفه. تفاوض جيه بول جيتي على دفع فدية مخفضة بلغت 2.2 مليون دولار. ومع ذلك، لم يدفع المبلغ بالكامل من ماله الخاص؛ فقد أقرض ابنه (والد جون بول جيتي الثالث) 800 ألف دولار من هذا المبلغ، بشرط أن يسددها بفائدة 4%. وبعد خمسة أشهر من اختطافه، وفي الخامس عشر من ديسمبر عام 1973، أُطلق سراح جون بول جيتي الثالث أخيرًا على جانب طريق سريع جنوب إيطاليا.
تداعيات ما بعد الاختطاف
لم تكن نهاية محنة الاختطاف هي نهاية معاناة جون بول جيتي الثالث. بل كانت تلك التجربة المروعة بداية لسلسلة من المشاكل الشخصية العميقة التي لازمته لبقية حياته. فقد طور إدمانًا شديدًا على المخدرات والكحول بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، محاولًا على الأرجح التغلب على الصدمة النفسية والعاطفية التي خلفها الاختطاف. في عام 1981، أي بعد حوالي ثماني سنوات من حادثة الاختطاف، تعرض لجرعة زائدة من المخدرات أدت إلى إصابته بسكتة دماغية حادة. هذه السكتة الدماغية تركت جيتي معاقًا بشدة، حيث فقد القدرة على الكلام، وأصيب بشلل جزئي، وأصبح بحاجة إلى رعاية مستمرة على مدار الساعة لبقية حياته. عاش جون بول جيتي الثالث هذه الحالة المأساوية لثلاثين عامًا تقريبًا، قبل أن يتوفى في الخامس من فبراير عام 2011 عن عمر يناهز 54 عامًا، لتنتهي بذلك حياة مليئة بالثروة الفاحشة والمعاناة الإنسانية الفائقة.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هو جيه بول جيتي، جد جون بول جيتي الثالث؟
- جيه بول جيتي كان قطب نفط أمريكي وأحد رواد الصناعة، اشتهر بكونه في مرحلة ما أغنى رجل في العالم. كانت لديه مجموعة فنية واسعة النطاق واشتهر أيضًا بكونه حريصًا على المال بشكل ملحوظ على الرغم من ثروته الطائلة.
- لماذا كان جيه بول جيتي مترددًا في دفع الفدية؟
- كان جيه بول جيتي يعتقد أن دفع الفدية سيشجع الخاطفين على استهداف أفراد آخرين من عائلته الكبيرة. كان لديه مبدأ راسخ بعدم التفاوض مع المجرمين، على الرغم من أن هذا الموقف قد خفف بعد أن تلقى أذن حفيده المقطوعة.
- ما هو مصير الخاطفين؟
- ألقت الشرطة الإيطالية القبض على عدد من أفراد عصابة ندرانجيتا المتورطين في عملية الاختطاف. أُدين بعضهم وحُكم عليهم بالسجن، لكن لم يتم القبض على جميع المتورطين مطلقًا، ولم يتم استعادة معظم أموال الفدية.
- كم استمرت معاناة جون بول جيتي الثالث بعد الاختطاف؟
- استمرت معاناة جون بول جيتي الثالث بعد الاختطاف طوال حياته المتبقية. أدت التجربة الصادمة إلى إدمانه على المخدرات والكحول، مما أدى في النهاية إلى جرعة زائدة وسكتة دماغية في عام 1981 تركته معاقًا بشدة وبحاجة إلى رعاية مستمرة حتى وفاته في عام 2011.
- هل دفع جيه بول جيتي كامل المبلغ الذي طُلب كفدية؟
- لا، لم يدفع جيه بول جيتي كامل المبلغ المطلوب وهو 17 مليون دولار. بعد مفاوضات طويلة وتلقي أذن حفيده المقطوعة، وافق على دفع 2.2 مليون دولار. ومع ذلك، جزء كبير من هذا المبلغ كان في شكل قرض لابنه (والد جون بول جيتي الثالث) بفائدة.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文