تم إطلاق ما لا يقل عن 130 صاروخًا على إسرائيل من غزة ؛ مقتل 12 ناشطا فلسطينيا في إطار التصعيد الأخير للعنف في المنطقة.
يُعرف قطاع غزة، أو ببساطة غزة، بأنه جيب فلسطيني يقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ويحمل تاريخًا غنيًا ومعقدًا وجغرافيا فريدة تجعله محورًا للأحداث الإقليمية والدولية. يحده من الجنوب الغربي مصر بحدود تمتد حوالي 11 كيلومترًا (6.8 ميل)، بينما يحده من الشرق والشمال إسرائيل على طول 51 كيلومترًا (32 ميلًا) من الحدود. وعلى الرغم من أن دولة فلسطين ذات السيادة تطالب بحكم القانون بقطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية، إلا أن هاتين المنطقتين الفلسطينيتين مفصولتان جغرافيًا عن بعضهما البعض بأراضٍ إسرائيلية، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى وضعهما.
الجغرافيا، الديموغرافيا، والوضع الإنساني
يمتد قطاع غزة بطول يبلغ حوالي 41 كيلومترًا (25 ميلًا)، ويتراوح عرضه بين 6 و12 كيلومترًا (3.7 إلى 7.5 ميل)، ليغطي مساحة إجمالية تبلغ حوالي 365 كيلومترًا مربعًا (141 ميلًا مربعًا). مع وجود ما يقرب من 1.85 مليون فلسطيني يعيشون على مساحة 362 كيلومترًا مربعًا فقط، يحتل قطاع غزة، إذا ما اعتبر وحدة سياسية رفيعة المستوى، المرتبة الثالثة عالميًا من حيث الكثافة السكانية، مما يجعله واحدًا من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان على الكوكب. ويزداد هذا الاكتظاظ حدة بسبب وجود منطقة عازلة إسرائيلية واسعة داخل القطاع، مما يجعل جزءًا كبيرًا من الأراضي محظورًا على الفلسطينيين في غزة. يبلغ معدل النمو السكاني السنوي في غزة 2.91% (تقديرات عام 2014)، وهو معدل مرتفع للغاية يحتل المرتبة 13 في العالم، وغالبًا ما يُشار إليه على أنه يساهم في مشكلة الاكتظاظ السكاني. كان من المتوقع أن يرتفع عدد السكان إلى 2.1 مليون نسمة بحلول عام 2020، مما يضع ضغوطًا هائلة على الموارد المحدودة.
في عام 2012، أصدر فريق الأمم المتحدة القطري في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحذيرًا مقلقًا بأن قطاع غزة قد لا يكون "مكانًا مناسبًا للعيش فيه" بحلول عام 2020. ومع حلول هذا التاريخ، كانت غزة بالفعل تعاني من نقص حاد في المياه والأدوية والطاقة، وهو وضع تفاقم بشكل كبير بسبب أزمة فيروس كورونا العالمية. وقد دعت العديد من المنظمات الحقوقية، كما أفادت شبكة الجزيرة، إسرائيل مرارًا وتكرارًا لرفع حصارها عن غزة. كما حثت الأمم المتحدة نفسها على رفع الحصار، وفي تقرير أعدته الأونكتاد للجمعية العامة للأمم المتحدة وصدر في 25 نوفمبر 2020، ذُكر أن اقتصاد غزة على وشك الانهيار وأن رفع الحصار أصبح ضرورة ملحة. بسبب الإغلاق الصارم للحدود الإسرائيلية والمصرية، والحصار البحري والجوي الإسرائيلي، لا يتمتع سكان غزة بحرية مغادرة القطاع أو دخوله، كما لا يُسمح لهم باستيراد البضائع أو تصديرها بحرية، مما يعيق بشكل كبير أي فرصة للتنمية الاقتصادية المستدامة. يشكل المسلمون السنة الجزء السائد من السكان في قطاع غزة، ويعيشون في هذه الظروف الصعبة التي تتطلب اهتمامًا دوليًا عاجلاً.
الوضع السياسي والحكم في غزة
على الرغم من أن قطاع غزة يخضع اسميًا لسلطة السلطة الفلسطينية، إلا أن حكمه الفعلي قد تغير بشكل جذري منذ معركة غزة التي وقعت في يونيو 2007. ففي أعقاب هذه المعركة، أصبحت حركة حماس، وهي منظمة إسلامية أصولية فلسطينية متشددة، هي القوة الحاكمة الوحيدة في القطاع. جاء صعود حماس إلى السلطة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أُجريت في عام 2006، والتي كانت الانتخابات الأخيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية.
عندما فازت حماس بأغلبية المقاعد في الانتخابات، رفض الحزب السياسي المنافس، حركة فتح، الانضمام إلى الائتلاف المقترح من حماس. بعد فترة من التوتر السياسي، تم التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية بوساطة المملكة العربية السعودية، ولكن هذه الحكومة لم تدم طويلاً. سرعان ما انهارت تحت ضغط مكثف من إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين رفضتا التعامل مع حكومة تضم حماس. ونتيجة لذلك، شكلت السلطة الفلسطينية حكومة غير تابعة لحماس في الضفة الغربية، بينما شكلت حماس حكومة منفردة في غزة، مما أدى إلى انقسام سياسي وجغرافي عميق بين الضفتين. فُرضت المزيد من العقوبات الاقتصادية على حماس من قبل إسرائيل والمجموعة الرباعية الأوروبية (التي تضم الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا).
في هذه الأجواء المشحونة، اندلعت حرب أهلية قصيرة ومريرة بين الحركتين الفلسطينيتين في غزة. جاء هذا الصراع عندما اعترضت فتح على إدارة حماس، فيما بدا أنه جزء من خطة مدعومة من الولايات المتحدة لتقويض سيطرة حماس. خرجت حماس منتصرة من هذا الصراع الداخلي الدامي، وقامت بطرد المسؤولين المتحالفين مع فتح وأعضاء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية من القطاع. ومنذ ذلك التاريخ، أي منذ منتصف عام 2007، ظلت حماس القوة الحاكمة الوحيدة في غزة، تدير شؤونها بشكل مستقل عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتواجه حصارًا دوليًا مستمرًا.
جدل الاحتلال الإسرائيلي بعد فك الارتباط
على الرغم من إعلان إسرائيل لفك الارتباط العسكري الكامل عن قطاع غزة في عام 2005، والذي تضمن سحب جميع قواتها العسكرية والمستوطنين الإسرائيليين من داخل القطاع، إلا أن الوضع القانوني لغزة يظل محل نقاش وجدل كبير على الساحة الدولية. فمن وجهة نظر الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى غالبية الحكومات والمعلقين القانونيين، تُعتبر المنطقة لا تزال محتلة من قبل إسرائيل. ويُعزز هذا الرأي من خلال القيود الإضافية التي تفرضها مصر على الحدود مع غزة، والتي تسهم في حالة العزلة المحيطة بالقطاع.
تُظهر الحقائق على الأرض أن إسرائيل تحتفظ بالسيطرة الخارجية المباشرة على غزة، وهي سيطرة تشمل مجالها الجوي والبحري، بالإضافة إلى التحكم في ستة من المعابر البرية السبعة لغزة. هذا التحكم يمنح إسرائيل تأثيرًا كبيرًا ومباشرًا على حركة الأفراد والبضائع من وإلى القطاع. علاوة على ذلك، تحتفظ إسرائيل بالحق في دخول غزة بجيشها متى شاءت، وتحتفظ بمنطقة عازلة محظورة داخل الأراضي الغزية، مما يقلل من مساحة الأرض المتاحة للاستخدام المدني. يعتمد القطاع أيضًا بشكل كبير على إسرائيل لتوفير الخدمات الأساسية والحيوية مثل المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها من المرافق الضرورية للحياة اليومية.
هذا النظام المعقد والمستمر للسيطرة الذي تفرضه إسرائيل على غزة وصفه جيروم سلاتر، في طبعة خريف 2012 من مجلة "الأمن الدولي"، بأنه "احتلال غير مباشر"، في إشارة إلى طبيعة السيطرة التي لا تتضمن وجودًا عسكريًا دائمًا داخل القطاع، ولكنها تحتفظ بتأثير شبه كامل على حياته الخارجية والداخلية. في المقابل، يعارض بعض المحللين الإسرائيليين بشدة فكرة أن إسرائيل لا تزال تحتل غزة، ويصفون المنطقة بأنها دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع، مما يسلط الضوء على التعقيدات القانونية والسياسية الجوهرية المحيطة بوضع غزة الدولي.
عملية "الصدى العائد" 2012: تصعيد وتبعاته
شهد قطاع غزة في مارس 2012 تصعيدًا عسكريًا كبيرًا عُرف باسم "عملية الصدى العائد" (Operation Returning Echo)، وهي عملية عسكرية نفذها جيش الدفاع الإسرائيلي في القطاع استمرت من 9 إلى 14 مارس. كانت هذه الأحداث هي الأسوأ من حيث تغطية وسائل الإعلام للعنف في المنطقة منذ حرب غزة 2008-2009 التي عُرفت باسم "عملية الرصاص المصبوب"، مما يشير إلى مستوى التوتر الذي ساد حينها.
بدأت العملية في 9 مارس عندما شنت إسرائيل غارة جوية مستهدفة على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل زهير القيسي، الأمين العام للجان المقاومة الشعبية، وهي جماعة فلسطينية مسلحة. كما قتل ناشط آخر في الغارة، وأصيب رجل قريب بجروح خطيرة. وفقًا للجيش الإسرائيلي، كان القيسي قد أشرف على هجمات عبر الحدود في جنوب إسرائيل عام 2011، والتي أدت إلى مقتل ثمانية إسرائيليين، من بينهم ستة مدنيين، وهو ادعاء نفته لجان المقاومة الشعبية. وصرح مسؤولون إسرائيليون أنه كان يستعد للمراحل النهائية لهجوم كبير جديد كان من الممكن أن يودي بحياة عدة أشخاص.
ردت الجماعات الفلسطينية المسلحة على هذا الهجوم بشن هجمات صاروخية مكثفة على إسرائيل، حيث أطلقت أكثر من 300 صاروخ من طراز غراد وصواريخ القسام وقذائف الهاون. سقط 177 صاروخًا منها على الأراضي الإسرائيلية، وضربت مراكز حضرية رئيسية مثل أشدود وعسقلان وبئر السبع، بالإضافة إلى تجمعات سكانية أصغر. أسفرت هذه الهجمات عن إصابة 23 إسرائيليًا، جميعهم من المدنيين، وأُغلقت المدارس في جميع أنحاء جنوب إسرائيل معظم أيام الأسبوع لحماية الطلاب من إطلاق الصواريخ. في المقابل، نجح نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي الإسرائيلي في اعتراض العديد من القذائف التي أطلقها الفلسطينيون على المدن الكبرى، حيث أسقط 56 صاروخًا من أصل 71 محاولة اعتراض، مما أظهر فعاليته في حماية المناطق المأهولة.
وفي ردها، شنت إسرائيل 37 غارة جوية استهدفت منشآت تخزين الأسلحة في غزة، ومواقع إطلاق الصواريخ، ومرافق تصنيع الأسلحة، وقواعد التدريب، والمواقع والأنفاق، بالإضافة إلى المسلحين أنفسهم. أسفرت هذه الغارات عن مقتل 22 مسلحًا، معظمهم من حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وآخرون من لجان المقاومة الشعبية. كما قتل أربعة مدنيين فلسطينيين، وأفادت التقارير بإصابة 74 فلسطينيًا آخرين خلال النزاع، معظمهم من المدنيين. وفي وقت لاحق، تبين أن بعض الضحايا والجرحى من المدنيين الفلسطينيين خلال التصعيد، الذين أُبلغ عن إصابتهم في الاشتباكات، لم تكن إصاباتهم مرتبطة بالأعمال الإسرائيلية.
دولياً، تباينت ردود الفعل. فقد أدانت الولايات المتحدة وفرنسا ومسؤول من الأمم المتحدة الهجمات الفلسطينية، وشددت الولايات المتحدة على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. وفي المقابل، أدانت منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية وسوريا ومصر وإيران الضربات الجوية الإسرائيلية على المسلحين، معبرين عن رفضهم للتصعيد الإسرائيلي. في 13 مارس، توسطت مصر بنجاح في وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة، منهيةً بذلك فترة من التوتر الشديد. تجدر الإشارة إلى أن حركة حماس لم تشارك في القتال بشكل مباشر خلال هذه العملية، وأصرت على أن حربًا شاملة في ذلك الوقت ستكون "مدمرة للشعب الفلسطيني".
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- ما هو قطاع غزة وأين يقع؟
- قطاع غزة هو جيب فلسطيني يقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. يحده من الجنوب الغربي مصر، ومن الشرق والشمال إسرائيل. وهو جزء من الأراضي التي تطالب بها دولة فلسطين ذات السيادة.
- من يحكم قطاع غزة حاليًا؟
- منذ معركة غزة في يونيو 2007، تحكم حركة حماس قطاع غزة فعليًا. وقد وصلت حماس إلى السلطة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.
- ما هي الأزمة الإنسانية في غزة؟
- يعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية حادة ناجمة عن الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض عليه. تشمل هذه الأزمة نقصًا حادًا في المياه والأدوية والطاقة، وتفاقمت بسبب عوامل مثل جائحة كوفيد-19. كما أن حرية حركة السكان والبضائع مقيدة بشكل كبير.
- لماذا يُعد قطاع غزة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم؟
- يعيش حوالي 1.85 مليون فلسطيني على مساحة صغيرة جدًا تبلغ حوالي 362 كيلومترًا مربعًا. هذا العدد الكبير من السكان في منطقة محدودة، بالإضافة إلى وجود مناطق عازلة، يجعل غزة واحدة من أعلى المناطق كثافة سكانية على مستوى العالم.
- هل لا يزال قطاع غزة يعتبر منطقة محتلة بعد فك الارتباط الإسرائيلي؟
- على الرغم من فك الارتباط الإسرائيلي عام 2005، تعتبر الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان وأغلبية الحكومات والمعلقين القانونيين أن غزة لا تزال محتلة من قبل إسرائيل. يعود ذلك إلى استمرار سيطرة إسرائيل المباشرة على المجال الجوي والبحري ومعظم المعابر البرية لغزة، بالإضافة إلى اعتماد القطاع على إسرائيل في الخدمات الأساسية.
- كيف وصلت حماس إلى السلطة في غزة؟
- فازت حماس بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. بعد صراع سياسي داخلي مع حركة فتح وحرب أهلية قصيرة في عام 2007، تمكنت حماس من بسط سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، لتصبح القوة الحاكمة الوحيدة فيه.
- ما هو نظام القبة الحديدية؟
- نظام القبة الحديدية هو نظام دفاع جوي إسرائيلي مصمم لاعتراض وتدمير الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية. وقد أثبت فعاليته في اعتراض عدد كبير من الصواريخ الفلسطينية خلال الصراعات، مثل عملية "الصدى العائد" عام 2012.