1066

اختفاء 11 يومًا: كيف أعادت إصلاحات التقويم ترتيب الأعياد والأسواق والذكريات

ملخص سريع: حين انتقلت دول من التقويم اليولياني إلى الغريغوري، اختفت أيام كاملة من التقويم العام—أشهرها اختفاء 11 يومًا في بريطانيا عام 1752 و13 يومًا في روسيا عام 1918. هذا التعديل التقني في حساب السنين أعاد جدولة الأعياد والأسواق وأيام دفع الإيجارات والذكريات السنوية، وفرض على المؤرخين والقراء فهم فروق "النمط القديم" (OS) و"النمط الجديد" (NS) عند قراءة التواريخ.

تشرح السطور التالية كيف حدث ذلك ولماذا، وما الذي تغيّر في الحياة اليومية والقانونية، وكيف تقرأ وتحوّل التواريخ التاريخية بدقة لتتوافق مع تقاويمنا الحديثة.

لماذا اختفت الأيام أساسًا؟ التقويم اليولياني مقابل الغريغوري

التقويم اليولياني (الجولياني) الذي أرساه يوليوس قيصر يفترض سنة طولها 365.25 يومًا عبر إضافة يوم كبيس كل أربع سنوات. لكن السنة الشمسية أقصر قليلًا (حوالي 365.2422 يومًا)، ما أدى إلى تراكم خطأ يقارب يومًا كل 128 سنة. بحلول القرن السادس عشر، انزاحت الأعياد الموسمية (مثل الاعتدال الربيعي) عن مواقعها الفلكية.

عام 1582 قدّم البابا غريغوريوس الثالث عشر التقويم الغريغوري لتصحيح الانزياح عبر قاعدتين: حذف 10 أيام مرة واحدة، وتعديل قاعدة السنوات الكبيسة (القرون لا تكون كبيسة إلا إذا كانت تقبل القسمة على 400). تبنّت دول كاثوليكية الإصلاح فورًا، بينما تأخرت بروتستانتية وأرثوذكسية عقودًا وقرونًا.

كم يومًا فُقد في كل حقبة؟

  • 1582: حُذفت 10 أيام في أول انتقال (مثال: 4 أكتوبر تبعه 15 أكتوبر في أجزاء من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبولندا).
  • 1700–1799: أصبح الفارق 11 يومًا بين اليولياني والغريغوري.
  • 1800–1899: زاد الفارق إلى 12 يومًا.
  • 1900–2099: الفارق 13 يومًا (ولهذا قفزت روسيا عام 1918 ثلاثة عشر يومًا).
  • بعد 2100: سيرتفع الفارق إلى 14 يومًا لأن 2100 ليس كبيسًا غريغوريًا لكنه كبيس يولياني.

محطات انتقال شهيرة… وما ترتّب عليها

بريطانيا والإمبراطورية البريطانية (1752): “اختفاء 11 يومًا”

بموجب قانون التقويم (النمط الجديد) 1750، اعتمدت بريطانيا ومستعمراتها التقويم الغريغوري في 1752. بعد الأربعاء 2 سبتمبر جاء الخميس 14 سبتمبر—اختفت الأيام من 3 إلى 13 سبتمبر. كما تغيّر أول السنة القانونية من 25 مارس إلى 1 يناير.

أثر ذلك:

  • أيام الربع Quarter Days: كانت الدفعات والعقود تُربط بأيام ربع السنة: Lady Day (25 مارس)، Midsummer (24 يونيو)، Michaelmas (29 سبتمبر)، Christmas (25 ديسمبر). للحفاظ على الإيقاع الموسمي، استمر كثيرون في دفع الإيجارات أو تنظيم المعارض على “النمط القديم”، أي بإضافة 11 يومًا. لذا شاع Old Michaelmas Day في 10 أكتوبر بدل 29 سبتمبر في بعض المناطق.
  • الضرائب والسنة المالية: لتجنب خسارة إيرادات بسبب اختصار 1752، تحوّل “Old Lady Day” إلى 5 أبريل. وفي 1800 (الذي لم يكن كبيسًا غريغوريًا)، أضيف يوم آخر، فأصبح بدء السنة الضريبية البريطانية في 6 أبريل—المعمول به حتى اليوم.
  • الأسواق والمواسم: “مهرجانات التوظيف” أو Mop Fairs وغيرها تزحزحت 11 يومًا للحفاظ على التوقيت المناخي الزراعي. بعض القرى احتفلت بـ “Old Christmas” في 6 يناير بدل 25 ديسمبر.

أما شائعة “أعيدوا إلينا أيامنا” عن أعمال شغب بسبب فقدان 11 يومًا، فهي مبالغ فيها في المصادر الشعبية؛ الأدلة المباشرة عليها ضعيفة، وإن وُجد تململ ومنازعات محدودة حول الاستحقاقات.

روسيا (1918): من اليولياني إلى الغريغوري

بعد الثورة، قررت الحكومة السوفيتية أن يأتي بعد 31 يناير 1918 (يولياني) يوم 14 فبراير 1918 (غريغوري). الفارق كان 13 يومًا. بقيت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على التقويم اليولياني للطقوس، لذلك يُحتفل بـ “عيد الميلاد الأرثوذكسي” في 7 يناير غريغوري (الموافق 25 ديسمبر يولياني)، كما يعرف الناس “رأس السنة القديمة” في 14 يناير.

أثر ذلك على الذكريات: أشهر مثال هو ثورة أكتوبر التي حدثت في 25 أكتوبر 1917 (يولياني)، وتوافق 7 نوفمبر 1917 (غريغوري). ظل الاسم “أكتوبر” تاريخيًا، لكن إحياء الذكرى رسميًا صار في نوفمبر.

حالات أخرى لافتة

  • السويد: تخبّطت بين 1700 و1712 في خطة انتقال تدريجية، حتى ظهر تاريخ “30 فبراير 1712” لتسوية الفارق! اعتمدت الغريغوري في 1753، فقفزت من 17 فبراير إلى 1 مارس (11 يومًا).
  • اليونان: تبنّت الغريغوري في 1923 (فارق 13 يومًا).
  • اليابان: اعتمدت الغريغوري في 1873، ما نقل كثيرًا من الأعياد الموسمية من تقويم قمري-شمسي إلى مواعيد شمسية ثابتة.
  • أمريكا الشمالية: تبِعت بريطانيا في 1752؛ لذا تتأثر تواريخ المستعمرات الإنجليزية بنفس قواعد النمط القديم/الجديد قبل ذلك العام.

كيف أثّرت إصلاحات التقويم في الأعياد العامة والأسواق والذكرى السنوية؟

الأعياد والطقوس الموسمية

حين تُحذف أيام، يصبح تاريخ العيد ثابتًا غريغوريًا لكن توقيته الموسمي يتغير إن لم يُنقل. لذلك اتجهت مجتمعات محلية إلى الاحتفاظ بـ “طابع الموسم” عبر تحريك المناسبة 11–13 يومًا:

  • Old Michaelmas Day: احتُفل به في 10 أكتوبر ببعض الأرياف الإنجليزية بدل 29 سبتمبر، للحفاظ على دورة الحصاد والتوظيف.
  • Old Christmas: ظل تقليد 6 يناير شائعًا في مناطق بريطانية بعد 1752 (مع اختلافات محلية بين 5 و6 يناير).
  • عيد الميلاد الأرثوذكسي: في 7 يناير غريغوري (25 ديسمبر يولياني) لدى كنائس شرقية لا تزال على التقويم القديم.

الأسواق والمعارض (Fairs)

المعارض الزراعية والمواسم التجارية المرتبطة بالحصاد والطقس—مثل Mop Fairs في إنجلترا—نُقلت غالبًا 11 يومًا لتبقى في نفس “فصل السنة فعليًا”. لذا قد تجد سجلات محلية تشير إلى “Old Midsummer Fair” أو “Old Lammas” في تواريخ متأخرة 11–13 يومًا عن التاريخ الكنسي الأصلي.

الإيجارات والديون والعقود

نصّت التشريعات البريطانية في 1752 على أن المدفوعات الدورية لا تُستحق قبل أوانها بسبب حذف الأيام. لكن في الممارسة:

  • اعتمد ملاك وشاغلون أيام الربع القديمة بإضافة 11 يومًا حفاظًا على الدخل الموسمي وإيقاع العمل.
  • ظلت كثير من الإيجارات الريفية تُسدد في Old Lady Day (5 أبريل) طويلًا.
  • على المستوى الضريبي، أسفر التسوية عن 6 أبريل بداية للسنة الضريبية في المملكة المتحدة حتى اليوم.

الذكريات السنوية للشخصيات والأحداث

  • جورج واشنطن: مولود 11 فبراير 1731 (نمط قديم في فيرجينيا، حيث كانت السنة تبدأ 25 مارس)، يوافق 22 فبراير 1732 (نمط جديد). لذا يُحتفل بذكرى ميلاده في 22 فبراير.
  • ويليام شكسبير: تاريخ الوفاة 23 أبريل 1616 (نمط قديم)، يقابل 3 مايو 1616 (نمط جديد). بعض الاحتفاءات تعتمد التاريخ الشائع 23 أبريل، بينما التحويل الدقيق يضعه في مايو غريغوري.
  • الثورات والحروب: أحداث مؤرخة بيناير–مارس قبل 1752 في إنجلترا تحتاج ضبط السنة، مثل 10 فبراير 1690 (OS) الذي يصبح 20 فبراير 1691 (NS).

قراءة “النمط القديم” و“النمط الجديد” في «حدث في مثل هذا اليوم»

عند مطالعة مدخل تاريخي، قد ترى وسومًا مثل OS (Old Style) وNS (New Style) أو صيغة التأريخ المزدوج مثل 10 فبراير 1690/91. لتجنّب الالتباس اتبع القواعد التالية:

  • اسأل عن المكان والتاريخ: أي بلد؟ أي سنة؟ إذ يختلف الفارق بالأعوام والقرون.
  • تحقق من بداية السنة: في إنجلترا قبل 1752 تبدأ السنة القانونية في 25 مارس. التواريخ بين 1 يناير و24 مارس تُكتب غالبًا بأسلوب مزدوج (مثال: 11 فبراير 1731/32).
  • طبّق فارق الأيام الصحيح: 10 أيام (1582–1699)، 11 (1700–1799)، 12 (1800–1899)، 13 (1900–2099).
  • اذكر الأسلوب بوضوح: اكتب “25 أكتوبر 1917 (يولياني/OS) = 7 نوفمبر 1917 (غريغوري/NS)”.
  • للأحداث الروسية: حتى 1918 كانت جميع التواريخ الرسمية على النمط اليولياني، ما يفسّر اختلاف “ثورة أكتوبر”.

كيفية محاذاة المناسبات التاريخية في تقويم حديث

خطة عمل مختصرة

  • 1) حدّد الإقليم والتقويم المستخدم وقت الحدث.
  • 2) احسب فارق الأيام وفق القرن (10/11/12/13 يومًا) واضبط اليوم.
  • 3) راعِ بداية السنة القانونية (خصوصًا بريطانيا قبل 1752) وعدّل السنة عند الحاجة.
  • 4) قرّر نيتك: هل تريد المحافظة على التاريخ الرقمي (كما في الأعياد الوطنية الحديثة) أم على الموسم (كما تفعل الأسواق الريفية)؟
  • 5) وثّق الأسلوبين عند الإشارة: اذكر OS وNS لتوضيح الأصل والنتيجة.

أمثلة عملية

  • مثال بريطاني قبل 1700: “10 فبراير 1690 (OS)، لندن”. الفارق 10 أيام، لكن السنة القانونية تبدأ 25 مارس. النتيجة: 20 فبراير 1691 (NS).
  • مثال بريطاني 1752: آخر يوم في “أغسطس 1752” كان 2 سبتمبر، ثم قفزنا إلى 14 سبتمبر. فعقد إيجار يستحق في “29 سبتمبر” حُوِّل محليًا إلى “10 أكتوبر” للحفاظ على الموسم (Old Michaelmas) في مناطق عدة.
  • مثال روسي 1917: “25 أكتوبر 1917 (OS)” يساوي “7 نوفمبر 1917 (NS)”.
  • مثال أرثوذكسي معاصر: 25 ديسمبر (يولياني) = 7 يناير (غريغوري) بين 1900 و2099. بعد 2100 سيصير 8 يناير.

هل غيّرت إصلاحات التقويم التاريخ… أم الطريقة التي نكتبه بها؟

إصلاحات التقويم لم تمحُ الأحداث، لكنها غيّرت علاماتها على الورق. اليوم نرى التاريخ بطابع غريغوري عالمي تقريبًا، لكنه يمتزج في المصادر القديمة مع تقاويم أخرى. ولأن الذاكرة المجتمعية مرتبطة بالمواسم والاقتصاد—لا بالأرقام فقط—ظلت العادات “القديمة” (Old Style) حيّة في كثير من الأسواق والأعياد المحلية.

بالنسبة للباحثين وصنّاع المحتوى في “حدث في مثل هذا اليوم”، الدقة تعني:

  • ذكر الأسلوب والمكان عند الاقتباس من مصادر قديمة.
  • تقديم تحويل واضح إلى الغريغوري المعاصر.
  • التمييز بين تاريخ التوثيق (كما في الأرشيف) وتاريخ الاحتفال (كما يُقام اليوم).

نصائح سريعة لتحسين الدقة في المحتوى التاريخي

  • استخدم مصطلحات واضحة: “OS/النمط القديم” و“NS/النمط الجديد”.
  • للتواريخ البريطانية قبل 1752 بين يناير ومارس، قدم التأريخ المزدوج (مثال: 11 فبراير 1731/32).
  • اشرح عند الحاجة لماذا يُحتفل بحدث “أكتوبر” في نوفمبر (الحالة الروسية مثالًا).
  • عند الحديث عن الأعياد الشعبية أو الأسواق، وضّح ما إذا كان المجتمع اتبع التاريخ “القديمة” الموسمية أم “الحديثة” الرقمية.
  • تذكر أن الفارق سيصبح 14 يومًا بعد 2100 بين اليولياني والغريغوري—معلومة مهمة للمحتوى المستقبلي.

خلاصة

“اختفاء 11 يومًا” ليس حكاية غريبة بقدر ما هو قصة دقيقة عن ضبط الزمن مع السماء. بين 1582 و1918 انتقلت أمم مختلفة إلى التقويم الغريغوري، حاذفة 10–13 يومًا دفعة واحدة. في الأثر، تغيّرت تواريخ الأعياد والأسواق والمدفوعات والذكريات، لكن المجتمعات طوّرت حلولًا عملية: نقل بعض المناسبات للحفاظ على المواسم، والتمييز بين النمطين في التوثيق. بفهم قواعد OS/NS وفوارق الأيام وبداية السنة، نستطيع قراءة التاريخ بعيون معاصرة دون أن نفقد دقته أو روحه.

الأسئلة الشائعة

هل حدثت اضطرابات بسبب اختفاء 11 يومًا في بريطانيا؟

توجد إشارات شعبية إلى احتجاجات، لكن الأدلة المباشرة على اضطرابات واسعة محدودة. الأرجح أن الجدل دار حول الاستحقاقات والمواعيد، مع حلول تشريعية ومحلية لتسويتها.

لماذا تبدأ السنة الضريبية البريطانية في 6 أبريل؟

بعد حذف 11 يومًا في 1752، انتقل Old Lady Day إلى 5 أبريل حفاظًا على طول السنة المالية. وفي 1800—غير الكبيس غريغوريًا—أضيف يوم آخر، فصار البدء 6 أبريل.

ما الفرق بين النمط القديم (OS) والنمط الجديد (NS)؟

OS يشير عادة إلى التأريخ اليولياني و/أو بداية السنة القانونية القديمة (25 مارس في إنجلترا)، بينما NS يشير إلى التقويم الغريغوري وبداية السنة في 1 يناير. الفارق العددي بين التاريخين يعتمد على القرن (10–13 يومًا في 1582–2099).

لماذا يحتفل الروس بعيد الثورة في نوفمبر بينما اسمها “أكتوبر”؟

وقعت الثورة في 25 أكتوبر 1917 بالتقويم اليولياني (OS)، وهو يوافق 7 نوفمبر 1917 في الغريغوري (NS). الاسم التاريخي بقي، لكن الاحتفال الحديث يتبع الغريغوري.

كيف أحوّل تاريخًا إنجليزيًا قبل 1752 بدقة؟

حدد ما إذا كان التاريخ بين 1 يناير و24 مارس—إن كان كذلك، قد تحتاج إلى زيادة السنة بمقدار واحد في النمط الجديد. ثم أضف فارق الأيام المناسب للقرن (10 أيام قبل 1700، 11 في القرن 18). مثال: 10 فبراير 1690 (OS) يصبح 20 فبراير 1691 (NS).

هل ستتغير مواعيد الأعياد الأرثوذكسية مستقبلًا؟

ما دامت على التقويم اليولياني، سيزداد الفارق إلى 14 يومًا بعد 2100. مثلًا، سيوافق 25 ديسمبر يولياني تاريخ 8 يناير غريغوري.

هل تبنّت كل الدول الغريغوري في الوقت نفسه؟

لا. تبنته الدول الكاثوليكية عام 1582 تقريبًا، بينما تأخرت دول بروتستانتية (مثل بريطانيا 1752) وأرثوذكسية (روسيا 1918، اليونان 1923). لذلك تظهر «قفزات» مختلفة في التقاويم الوطنية وتواريخ الأحداث.